الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

نظرية دوامة الصمت

 نظرية دوامة الصمت: Spiral of Silence
 د.طه نجم
 تعريف بالنظرية
 تعد هذه النظرية واحدة من النظريات التى تؤكد على قوة وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام, وهي تهتم بالإضافة إلى النظريتين السابقتين برصد آثار وسائل الإعلام على المجتمع.
 وقد طورت هذه النظرية الباحثة الألمانية (إليزابيث نويل – نيومان) –Sabeth Noelle – Neumann, Eli- عام 1974م.
 وترى(نيومان) عملية تكوين الرأي العام باعتبارها عملية دينامية, تتدخل فيها عوامل نفسية واجتماعية وثقافية وسياسية, بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام كدور محوري في تكوين الاتجاه السائد حول القضايا المثارة في المجتمع.
 وكانت إليزابيث نيومان) قد نادت بالعودة إلى قوة وسائل الإعلام, ورأت أن لوسائل الإعلام تأثيرات قوية على الرأي العام تم التقليل من شأنها في الماضي بسبب قيود منهجية في الدراسات الإعلامية,
 متغيرات أساسية تساهم في تأثير وسائل الإعلام
 1- التأثير التراكمي من خلال التكرار: حيث تميل وسائل الإعلام إلى تقديم رسائل متشابهة ومتكررة حول موضوعات أو شخصيات أو قضايا, ويؤدي هذا العرض التراكمي إلى تأثيرات على المتلقين على المدى البعيد.
 2- الشمولية: تسيطر وسائل الإعلام على الإنسان وتحاصره في كل مكان, وتهيمن على بيئة المعلومات المتاحة, مما ينتج عنه تأثيرات شاملة على الفرد يصعب الهروب من رسائلها.
 3- التجانس: ويعني أن بين القائمين بالاتصال اتفاقاً وانسجاماً مع المؤسسات التى ينتمون إليها مما يؤدي إلى تشابه توجهاتهم والقيم الإعلامية التى تحكمهم
 وتؤدي هذه العوامل السابقة إلى تقليل فرصة الفرد المتلقي في أن يكون له رأياً مستقلاً حول القضايا المثارة,وبالتالي تزداد فرصة وسائل الإعلام في تكوين الأفكار والاتجاهات المؤثرة في الرأي العام.()وتقترح(( نيومان)) لاكتشاف قوة وسائل الإعلام استخدام مجموعة من مناهج الأبحاث تجمع بين المقاييس الميدانية والمسحية للجمهور والقائمين بالاتصال ,فضلا عن استخدام أسلوب تحليل المحتوى ,ويمكن استخدام هذه الأساليب البحثية على فترات ممتدة للكشف عن التأثير التراكمي لوسائل الإعلام
 فروض نظرية دوامة الصمت
 تعتمد نظرية دوامة الصمت على افتراض رئيسي فحواه أن وسائل الإعلام حين تتبنى آراء أو اتجاهات معينة خلال فترة من الزمن ,فإن معظم الأفراد سوف يتحركون في الاتجاه الذي تدعمه وسائل الإعلام ,وبالتالي يتكون الرأي العام بما يتسق مع الأفكار التي تدعمها وسائل الإعلام.
 فقد لاحظ بعض الباحثين أن وسائل الاتصال الجماهيرية تتخذا أحيانا جانباً متسقاً من أحدى القضايا أو الشخصيات ,ويؤدي ذلك إلى تأييد معظم الأفراد للاتجاه الذي تتبناه وسائل الإعلام بحثاً عن التوافق الاجتماعي .أما الأفراد المعارضين لهذه القضية أو ذلك الاتجاه ,فأنهم يتخذون موقف الصمت تجنباً لاضطهاد الجماعة وخوفاً من العزلة الاجتماعية ,وبتالي إذا كانوا يؤمنون بآراء مخالفة لما تعرضه وسائل الإعلام, فأنهم يحجبون آراءهم الشخصية, ويكونون أقل رغبة في التحدث عن هذه الآراء مع الآخرين.
 العوامل التي تجعل الناس يحرصون على إبداء وجهات نظرهم
 1- شعور الفرد بالانتماء إلى رأى الغالبية.
 2- الميل إلى التخاطب مع من يتفقون معنا في الآراء أكثر من الذين يختلفون معنا.
 3- الشعور بتقدير الذات يحث الفرد على إبداء رأيه.
 4- يميل الأفراد من الرجال متوسطي الأعمار من الطبقة الوسطى إلى الحوار والمشاركة بسهولة.
 5- تشجيع معظم القوانين الأفراد على إبداء آرائهم عندما يشعرون أنهم أكثر عدداً, ويمثلون الأغلبية.
 فكرة نظرية دوامة الصمت عند إليهوكاتز
 1- كل الأفراد لهم آراء.
 2- الخوف من العزلة الاجتماعية يجعل الأفراد لا يعلنون عن آرائهم إذا ما أدركوا أن هذه الآراء لا تحظى بتأييد الآخرين.
 3- يقوم كل فرد بعمل استطلاعات سريعة لمعرفة مدى التأييد أو المعارضة للرأي الذي يتبناه.
 4- تعد وسائل الإعلام من المصادر الرئيسية لنشر المعلومات وعرض الآراء ونقل مناخ التأييد أو المعارضة.
 7- تقوم الأطر المرجعية الأخرى بعملها.
 6- تميل وسائل الإعلام لأن تتحدث بصوت واحد,غالباً مايكون محتكراً.
 7- تميل وسائل إلى التحيز في عرض الآراء مما يؤدي إلى تشويه الرأي العام.
 8- يدرك بعض الأفراد أو الجماعات أنهم مختلفين وغير مسايرين لرأى الأغلبية
 النقد الموجه للنظرية:
 1- أشارت بعض الدراسات الامبيريقية الأمريكية إلى أن مفهوم الأقلية الصامتة Silent Minority يفتقد إلى الدقة,فقد أشارت إحدى الدراسات الأمريكية إلى أن الأقلية المعارضة لانتخاب الرئيس (جورج بوش) في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام1988 لم تكن تؤثر الصمت وعدم النقاش مع الآخرين حول الحملة الانتخابية.
 2- يشك بعض الباحثين في افتراض المضمون المتسق والمتكرر لوسائل الإعلام, على الأقل في وجود الديمقراطيات الغربية التى تتعدد فيها الآراء والمصالح, ويصعب على وسائل الإعلام أن تتبنى اتجاها واحداً وثابتاً من القضايا المثارة لفترة زمنية طويلة.
 3- وسائل الإعلام لا تعبر بالضرورة عن رأى الأغلبية, بل تعكس أحياناً رأى الأغلبية المزيفة التى تروج لها.
 4- من الصعب تفسير عملية تكوين الرأي العام بمعزل عن دور المعلومات التى يحص عليها الفرد عن البيئة السياسية والاجتماعية المحيطة.
 وقد أقرت( إليزابيث نيومان) بعض الانتقادات السابقة,وأشارت إلى أن هذه النظرية مازالت في حاجة إلى التحقق من صحتها من خلال إجراء المزيد من البحوث في بيئات مختلفة.


نظرية حارس البوابة الإعلامية

 نظرية حارس البوابة الإعلامية:
 د. طه نجم
 تاريخ نظرية حارس البوابة
 يرجع الفضل إلى عالم النفس النمساوي الأصل والأمريكي الجنسية ( كيرت ليوين) ( Kurt Lewin,1977) في تطوير ما أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة الإعلامية ) Gatekeeper. وتعتبر دراسات (ليوين) من أفضل الدراسات المنهجية في مجال القائم بالاتصال حيث يرى أنه على طول الرحلة التى تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور المستهدف توجد نقاط (بوابات) يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج.
 وقد أجريت في الخمسينيات سلسلة من الدراسات التي ركزت على الجوانب الأساسية لعملية (حراسة البوابة) بدون أن تستخدم بالضرورة هذا المصطلح. وقدمت تلك الدراسات تحليلاً وظيفياً لأساليب التحكم في غرفة الأخبار,والإدراك المتناقض لدور ومركز العاملين في الوسيلة الإعلامية ومصادر أخبارهم, والقيم التى تؤثر في انتقاء وتقديم الأخبار.
 وأشارت هذه الدارسات إلى أن الرسالة الإعلامية تمر بمراحل عديدة وهي تنتقل من المصدر حتى إلى المتلقي, وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات, أى وفقًا لاصطلاح نظرية المعلومات, فالاتصال هو مجرد سلسلة متصلة الحلقات.
 العوامل التي تؤثر على حارس البوابة الإعلامية:
 يمكن تقسيم العوامل التى تؤثر على عمل حارس البوابة الإعلامية إلى أربعة عوامل أساسية هي:
 1- معايير المجتمع وقيمه وتقاليده.
 2- معايير ذاتية تشمل: عوامل التنشئة الاجتماعية, والتعليم, والاتجاهات, والميول, والانتماءات, والجماعات المرجعية.
 3- معايير مهنية تشمل: سياسة الوسيلة الإعلامية, ومصادر الأخبار المتاحة,وعلاقات العمل وضغوطه.
 4- معايير الجمهور.
 أولاً- قيم المجتمع وتقاليده:
 يعد النظام الاجتماعي الذي تعمل في إطاره وسائل الإعلام من القوى الأساسية التي تؤثر على القائمين بالاتصال. فأي نظام اجتماعي ينطوي على قيم ومبادئ يسعى لإقرارها, ويعمل على تقبل المواطنين لها, ويرتبط ذلك بوظيفة التنشئة الاجتماعية أو التطبيع, وتعكس وسائل الإعلام هذا الاهتمام بمحاولاتها الحفاظ على القيم الثقافية والاجتماعية السائدة.
 ثانياً- المعايير الذاتية للقائم بالاتصال:
 تلعب الخصائص والسمات الشخصية للقائم بالاتصال دوراً في ممارسة دور حارس البوابة الإعلامية مثل: النوع, والعمر, والدخل, والطبقة الاجتماعية, والتعليم, والانتماءات الفكرية أو العقائدية, والإحساس بالذات Self Esteem.
 ويعد الانتماء عنصراً محدداً من محددات الشخصية,لأنه يؤثر في طريقة التفكير أو التفاعل مع العالم المحيط بالفرد, كما أن الفرد ينتمي إلى بعض الجماعات: التعليمية, والاجتماعية, والسياسية, والاقتصادية. وتعد هذه الجماعات بمثابة جماعات مرجعية Reference Groups يشارك الفرد أعضاءها في الدوافع والميول والاتجاهات.
 ثالثاً- المعايير المهنية للقائم بالاتصال:
 يتعرض القائم بالاتصال للعديد من الضغوط المهنية التي تؤثر في عمله, وتؤدي إلى توافقه مع سياسة المؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها, والتوقعات التي تحدد دوره في نظام الاتصال.
 محتويات المعايير المهنية
 (1) سياسة المؤسسة الإعلامية:
 تتعدد ضغوط المؤسسة بشكل أكبر مما تقترحه الدراسات التى تناولتها, وتتمثل هذه الضغوط في عوامل خارجية وداخلية, ونعني بالعوامل الخارجية موقع الوسيلة من النظام الاجتماعي القائم, ومدى ارتباطها بمصالح معينة مثل: وجود محطات منافسة. أما العوامل الداخلية فتشمل: نمط الملكية, وأساليب السيطرة, والنظم الإدارية, وضغوط الإنتاج. وتلعب هذه العوامل دوراً مهماً وملموساً في شكل المضمون الذي يقدم للجمهور.
 أهمية العنصر السياسي في غرفة الأخبار
 فالسياسة عنصر هام من عناصر الأنماط أو الأساليب السائدة في غرفة الأخبار, ويتم ذلك من خلال مايلي:
 1- يقوم العامل في الجريدة يومياً بقراءة جريدته, وتشترط بعض الصحف هذا, ومن السهل تحديد خصائص الجريدة من هذه القراءة.
 2- توجه الجريدة العاملين الجدد فيها بشكل غير مباشر عن طريق المحررين والعاملين القدامى.
 3- يتعرف الصحفي على سياسة الجريدة من أحاديثه مع زملائه الصحفيين, أو من المؤتمرات الصحفية التي تعقد بالجريدة.
 الأسباب التى تجعل العاملين في الجريدة يخضعون لسياستها
 - يتوقع الناشر أو المالك – من وجهة النظر التجارية البحتة – ان يطيعه من يعملون عنده, فالناشر أو المالك له سلطة عقاب المحرر أو فصله, وذلك بتقليص سلطته أو تعديل منصبه عن طريق تكليفه بمهام أقل من مستواه. فالخوف من العقاب, وليس توقيعه هو الذي يسبب الخضوع.
 2- شعور الصحفي بالالتزام نحو الوسيلة الإعلامية لأنها هي التى وفرت له عملاً, وقد يشعر بالاحترام والعرفان لبعض المحررين لتعليمهم إياه.
 -تطلعات الصحفيين, حيث يعتبر الصحفيون عملهم الصحفي مجرد جسر يؤدي بهم إلى أعمال أخرى يحققون منها أرباحاً أكثر في مجالات مثل:
 العلاقات العامة, أو الإعلان, أو العمل كنقاد مستقلين يرسلون إنتاجهم إلى العديد من الصحف.
 4- عدم وجود تكتل لمعارضة السياسة السائدة في الوسيلة الإعلامية.
 5- طبيعة العمل الإعلامي الذي يتسم بالود والتعاون وتبادل المناقشات والأفكار.
 6- التركيز على الأخبار كقيمة أساسية, فبدلاً من أن يسعى الصحفيون لتحقيق الحياد بالنسبة للسياسة الإعلامية كمقياس لحسن الأداء, فإنهم يبذلون جهودهم للحصول على مزيد من الأخبار, ويعمل التنافس الصحفي والرغبة في تحقيق السبق على التركيز على جمع الأخبار.
 (ب) مصادر الأخبار:
 وتتمثل تأثيرات المصادر على القيم الإخبارية والمهنية فيما يلي:
 1- تقوم وكالات الأنباء بتوجيه الانتباه على أخبار معينة بطرق عديدة.
 2- تؤثر الوكالات على طريقة تقييم أقسام الأخبار لعمل مندوبيهم ومراسليهم.
 3- تؤثر وكالات الأنباء على طريقة توزيع وسائل الاتصال لمراسليها لتغطية الأحداث الهامة.
 4- تصدر وكالات الأنباء سجلاً يومياً بالأحداث المتوقع حدوثها في المدن الكبرى.
 5- تقدم وكالات الأنباء – بشكل غير مباشر – النموذج الذي يتعرض له المسئولين عن التحرير.
 6- تقلد الصحف الصغرى الصحف الكبرى في أسلوب اختيار المضمون.
 (ج) علاقات العمل وضغوطه:
 وتظهر أهمية علاقات العمل في أن وظيفة القائم بالاتصال في حد ذاتها هي وظيفة تنافسية بطبيعتها, حيث يستهدف كل صحفي تحقيق السبق للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور, وكسب ثقة المتلقين لأسباب اقتصادية أو فكرية وعقائدية. ولذلك فإنه على الرغم من اعتناق جميع الصحفيين نفس المعايير المهنية, إلا أنه يظل لكل منهم معاييره الخاصة.
 رابعاً – معايير الجمهور:
 لاحظ الباحثان ( إثيل دي سولا بول) و( شولمان) أن الجمهور يؤثر على القائم بالاتصال, مثلما يؤثر القائم بالاتصال على الجمهور. فالرسائل التى يقدمها القائم بالاتصال يحددها- إلى حد ما – توقعاته عن ردود فعل الجمهور, وبالتالي يلعب الجمهور دوراً إيجابياً في عملية الاتصال. ويؤثر تصور القائم بالاتصال للجمهور على نوعية الأخبار التى يقدمها. وقد أظهرت الدراسات التجريبية التى عقدها ( ريموند باور) أن نوع الجمهور الذي يعتقد القائم بالاتصال أنه يخاطبه له تأثير كبير على طريقة اختيار المحتوى وتنظيمه.


نظرية ترتيب الأولويات

 نظرية ترتيب الأ ولويات
Agenda- Setting Theory
 د. طه نجم
 مجالات اهتمام النظرية
 تهتم بحوث ترتيب الأولويات بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام والجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل في تحديد أولويات القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم المجتمع.
 وتفترض هذه النظرية أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تقدم جميع الموضوعات والقضايا التي تقع في المجتمع، وإنما يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم التركيز عليها بشدة والتحكم في طبيعتها ومحتواها.

 وقد تم تجاهل هذه النظرية تماما في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين ، وبعد ذلك بأربعين سنة أعاد ” كوهين إحياء وجهة نظر“ ليبمان“ بقوله إن وسائل الإعلام لا تنجح دائما في إبلاغ الجماهير كيف يفكرون ( الاتجاهات )ولكنها تنجح دائما في إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه( المعلومات )
 ويرجع الفضل إلى“ مكومبيس وشاو ” في إجراء أول اختبار أمبريقي لنظرية ترتيب الأولويات. وكان الفرض الرئيسي لدراستهما هو“ بالرغم من التأثيرات المحدودة في بعض الأحيان لوسائل الإعلام بالنسبة لنوع أوشدة الاتجاه إلا أنها يفترض أن تقوم بتحديد الأولويات للحملات السياسية
 أنواع بحوث وضع الأجندة
 حدد ” شاو ومارتن ” أنواع لقياس ترتيب الأ ولويات وهي :
 1- نموذج يركز على قياس أولويات اهتمامات الجماهير أولويات اهتمامات وسائل الإعلام اعتمادا على المعلومات التجميعية
 2- نموذج يركز على مجموعة من القضايا ولكن ينقل وحدة التحليل من المستوى الكلى الذي يعتمد على معلومات تجميعية إلى المستوى الفردي
 3- نموذج يعتمد على دراسة قضية واحدة في وسائل الإعلام وعند الجمهور انطلاقا من اختلاف التأثير من وقت لآخر
 4- نموذج يدرس قضية واحدة وينطلق من الفرد كوحدة للتحليل
 الاستراتيجيات الأساسية لوضع الأ ولويات
 1- دراسة مجموعة القضايا السائدة في وسائل الإعلام وعند الجمهور على فترة زمنية واحدة أو على فترتين
 2- دراسة قضية واحدة على فترات زمنية مختلفة أي دراسة ممتدة
 ويستخدم أسلوب تحليل المحتوى لحصر الموضوعات التي تؤكد عليها وسائل الإعلام ومن الأفضل أن يشمل تحليل المحتوى كل وسائل الإعلام
 قياس أولويات الجمهور
 يتم قياس أولويات الجمهور من خلال أسلوب المسح بطريقتين هما:
 1- توجيه الأسئلة المفتوحة مثل ماهي أكثر القضايا من حيث الأهمية في المجتمع؟
 2- توجيه الأسئلة المغلقة من خلال إمداد المبحوث بقائمة مختارة من الموضوعات التي يمكن أن تشكل الأولويات على أن يقوم المبحوث بترتيب هذه القضايا حسب إدراكه الشخصي لكل منها
 العوامل المؤثرة في وضع الأجندة
 1- طبيعة القضايا
 يقصد بها مدى كونها مدركة أو ملموسة من جانب الجمهور أو أن تكون القضية مجردة أو غير ملموسة . والقضايا الملموسة هي التي يكون لأفراد الجمهور خبرة مباشرة بها.
 وقد أشارت دراسة ” ياجاد ودوزير الخاصة بدراسة قضايا الأسلحة النووية وعجز الميزانية كقضيتين مجردتين مقابل قضايا المخدرات والطاقة كقضيتين ملموستين
 2- أهمية القضايا
 افترضت دراسة ” كاتز وزملاؤه : وجود علاقة ارتباط إيجابي بين درجة اهتمام الجمهور بالقضية وزيادة حصولها على اهتمام أكبر وأشارت النتائج إلى زيادة الاهتمام بالقضايا التي تسبب التهديد والخوف مثل التلوث والإيدز من القضايا ذات التهديد غير المباشر مثل الإجهاض والحرب النووية
 3- الخصائص الديموجرافية
 تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة ارتباط بين الخصائص الديموجرافية وترتيب الأولويات ، فقد خلصت دراسة ” ويتني“ إلى أن متغير التعليم يلعب دوراً أساسيا في ترتيب الأولويات نحو القضايا المثارة في وسائل الإعلام حيث تزيد قدرة تلك الوسائل في وضع أولويات المتعلمين عند المقارنة بغير المتعلمين.
 4- الاتصال الشخصي
 تستطيع الاتصالات الشخصية تقرير تأثير وضع الأولويات للقضايا التي تحظى بتغطية إعلامية مكثفة ومن أمثلة ذلك دراسة ” موتز ” الخاصة بإدراك الجمهور لقضية المخدرات بوصفها قضية شخصية أو مشكلة اجتماعية
 النقد الموجه لنظرية وضع الأولويات
 1- تعدد الأساليب المنهجية المستخدمة في إجراء البحوث
 2- ضيق المجال الذي تتحرك فيه البحوث
 3- إغفال الطريقة التراكمية التي تبثها وسائل الإعلام والتركيز على الآثار قصيرة المدى
 4- غياب الأسس النظرية التي ترتكز عليها هذه البحوث لأنها تركز على موضوعات وقضايا متخصصة


نظرية الاعتماد علي وسائل الإعلام

 نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام: Dependency Theory
 د.طه نجم
 أهداف النظرية
 من الأهداف الرئيسية لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام الكشف عن الأسباب التي تجعل لوسائل الإعلام أحياناً آثار قوية ومباشرة, وفي أحيان أخرى تكون لها تأثيرات غير مباشرة وضعيفة نوعاً ما.
 ويمكن القول: إن نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام هي (نظرية بيئية), والنظرية البيئية تنظر إلى المجتمع باعتباره تركيباً عضوياً, وهي تبحث في كيفية ارتباط أجزاء من النظم الاجتماعية صغيرة وكبيرة يرتبط كل منها بالآخر, ثم تحاول تفسير سلوك الأجزاء فيما يتعلق بهذه العلاقات.
 وكما يوحي اسم النظرية فإن العلاقة الرئيسية التى تحكمها هي علاقة الاعتماد بين وسائل الإعلام والنظام الاجتماعي والجمهور, وقد تكون هذه العلاقات مع نظم ووسائل الإعلام جميعها, أو مع أحد أجزاءها مثل: الصحف – المجلات- الراديو- التليفزيون- السينما.
 ركائز النظرية
 تقوم علاقات الاعتماد على وسائل الإعلام على ركيزتين أساسيتين هما:
 1- الأهداف: لكي يحقق الأفراد والجماعات والمنظمات المختلفة أهدافهم الشخصية أو جماعات أو منظمات أخرى, والعكس صحيح.
 2- المصادر: يسعى الأفراد والمنظمات نحو المصادر المختلفة التى تحقق أهدافهم, وتعد وسائل الإعلام نظام معلومات يسعى إليه الأفراد والمنظمات من أجل بلوغ أهدافهم,
 تحكم وسائل الإعلام فى مصادر المعلومات
 تتحكم وسائل الإعلام في ثلاثة أنواع من مصادر المعلومات هي.
 (أ) المصدر الأول: هو جمع المعلومات, فالمندوب الصحفي يجمع المعلومات التى نحتاج إلى معرفتها, ويقدم كاتب السيناريو معلومات عن أحداث حقيقية أو خيالية تتيح لنا هدف اللعب أو المرح أو الاسترخاء.
 (ب) المصدر الثاني: هو تنسيق المعلومات, ويشير إلى تنقيح المعلومات التى تم جمعها بالزيادة أو النقصان, لكي تخرج بصورة مناسبة في شكل قصة صحفية أو برنامج إذاعي أو فيلم سينمائي.
 (ج) المصدر الثالث: هو نشر المعلومات أو القدرة على توزيعها إلى جمهور غير محدود.
 مصطلح ( المعلومات)
 يستخدم مؤسسا النظرية(ملفين ديفلير) و( ساندرا بول روكيتش) مصطلح ( المعلومات) للإشارة إلى إنتاج وتوزيع كل أنواع الرسائل التى تقدمها وسائل الإعلام, ويشيرون إلى أن الفروق التقليدية التى توحي بأن (الأخبار ) شئ يتعلق بالمعلومات, في حين أن(التسلية) ليست كذلك, هي فروق مضلة, حيث إن هذا الأسلوب من التفكير غير صحيح لسببين:
 1- أنه يتجاهل الطرق التى يستخدم بها الأشخاص محتويات التسلية لفهم أنفسهم وعالمهم, أو العوالم الكبرى التى تتجاوز خبراتهم المباشرة, وقصر فكرة المعلومات على (الأخبار) فقط سوف يوحى بأن ما يتعلمه الناس من تسلية ليست له أية نتائج هامة على المعاني التى ينشئونها ويتصرفون بموجبها, أو على تطبيعهم للمجتمع.
 2- عندما نستبعد التسلية عن دنيا المعلومات,فإننا نقلل من دور اللعب في الحياة الشخصية والاجتماعية, رغم الحكمة النفسية والإنسانية المناقضة لذلك.
 الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظام الاجتماعي:
 تكمن قوة وسائل في سيطرتها على مصادر معلومات يعتمد عليها الأفراد والمجموعات والمنظمات والنظم الاجتماعية لتحقيق أهدافهم. وعلاقة الاعتماد هذه ليست ذات اتجاه واحد, وإنما تعتمد وسائل الإعلام أيضاً على المصادر التى يسيطر عليها الآخرون.
 فالحكومات الحديثة التى ترغب في الاتصال بمواطنيها, والمؤسسات التى ترغب في الاتصال بعملائها المحتملين, لا يستطيعون الاعتماد على الاتصال الشخصي بشكل وحيد أو أساسي, لكي يصلوا إلى ملايين الأفراد, وآلاف الجماعات والمنظمات التى يرغبون في الوصول إليها. ومن ناحية أخرى فإن وسائل الإعلام ليست قوية تماماً, فهي أيضا تعتمد على موارد تتحكم فيها النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى لكي تمارس عملها بكفاءة أيضاً.
 علاقة وسائل الأعلام بالنظام الاقتصادي:
 يعتمد النظام الاقتصادي في المجتمع الأمريكي على وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف الآتية:
 1- ترويج وتدعيم القيم الخاصة بالمشروعات الحرة الرأسمالية.
 2- تأسيس وصيانة العلاقة بين المنتج أو البائع والمستهلك أو المشتري, لإبلاغ المستهلك عن المنتجات المتاحة, وتحفيزه على الشراء أو استخدام الخدمة.
 3- التحكم وكسب الصراعات الداخلية مثل التى تحدث بين الإدارة والاتحادات, أو الصراع مع المنظمات الخارجية.
 تعتمد وسائل الإعلام على النظام الاقتصادي لتحقيق الأهداف التالية
 (أ) الربح من عائد الإعلانات.
 (ب) التطوير التكنولوجي لتقليل النفقات والتنافس بفعالية من خلال امتلاك منتجات أكثر تقدماً.
 (ج) التوسع في المشروعات الإعلامية للوصول إلى جماهير أكبر وتحقيق عائد أعلى, ويتطلب ذلك الحصول على خدمات البنوك والتمويل,والتعامل مع التجارة الخارجية.
 اعتماد النظام السياسي على موارد وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف التالية
 1- زيادة وتدعيم القيم والمعايير السياسية مثل : الحرية – المساواة – إطاعة القوانين –التصويت الانتخابي.
 2- الحفاظ على النظام السياسي وتحقيق التكامل الاجتماعي,من خلال بث روح الإجماع, وتكوين الرأي العام.
 3- تدعيم الشعور بالمواطنة Citizenry لتنفيذ الأنشطة الأساسية مثل: الحماس للحرب, أو المشاركة في التصويت الانتخابي.
 4- التحكم وكسب الصراعات التى تقع داخل السيادة السياسية مثل: صراعات الأحزاب,أو الصراعات بين النظام السياسي ونظم اجتماعية أخرى مثل: النظام الديني للفصل بين الدين والدولة.
 اعتماد وسائل الإعلام على النظام السياسي لتحقيق الأهداف التالية
 - اكتساب الحماية التشريعية والقضائية والتنفيذية مثل: حماية التعديل الأول من الدستور الأمريكي لوسائل الإعلام.
 2- الحصول على معلومات رسمية وغير رسمية لتغطية الأخبار مثل: عقد المؤتمرات الصحفية, والحصول على تصريحات بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
 3- تحقيق عائد من الإعلانات السياسية في أوقات الانتخابات.
 ومع ذلك يمكن أن يحدث الصراع بين النظام السياسي ووسائل الإعلام بسبب رغبة الحكومات في فرض رقابة على النشر, وسرية المعلومات لعدم حصول وسائل الإعلام عليها, وإخفاء الفساد السياسي.
 الاعتماد المتبادل بين الأفراد ونظم وسائل الإعلام:
 ويعتمد الأفراد على وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف التالية:
 1- الفهم: مثل معرفة الذات من خلال التعليم والحصول على الخبرات, الفهم الاجتماعي من خلال معرفة أشياء عن العالم أو الجماعة المحلية وتفسيرها.
 2- التوجيه: ويشتمل على توجيه العمل مثل: أن تقرر ماذا تشتري؟ وكيف ترتدي ثيابك؟ وكيف تحتفظ برشاقتك؟.
 3- التسلية: وتشتمل على التسلية المنعزلة مثل: الراحة والاسترخاء والاستثارة .. والتسلية الاجتماعية مثل: الذهاب إلى السينما, أو مشاهدة التليفزيون مع الأسرة.
 تأثيرات وسائل الإعلام على الفرد
 يبدأ النموذج السابق بفرد يتفحص وسائل الإعلام بدقة, ليقرر بفعالية ما يرغب في الاستماع إليه, أو مشاهدته, أو قراءته. أو بشخص يتصل بشكل عرضي بمحتويات وسيلة إعلامية, وتحدث الخطوات التالية:
 الخطوة الأولى:
 يتسم القائم بالاختيار بالنشاط, وينتقي محتوى معين من وسائل الإعلام, ويتوقع أن التعرض سوف يساعده على تحقيق هدف أو أكثر من الفهم ,والتوجيه, والتسلية وتعتمد التوقعات على:
 1-تجارب وخبرات سابقة.
 2-تحادث مع أصدقاء أو زملاء عمل.
 3-إشارات يحصل عليها من مصادر وسائل الإعلام(مثل:خريطة البرامج اليومية).
 الخطوة الثانية:
 تصبح جوانب أخرى من عملية ذات أهمية ,فليس كل الأشخاص الذين يتعرضون لوسائل الإعلام ,سوف يفعلون ذلك بنفس القدر من الاعتماد,كما أنه ليس كل الأشخاص تتحرك بواعث اهتمامهم خلال فترة تعرض عارضة
 وتتوقف شدة اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام من خلال فروق في :
 1-الأهداف الشخصية .
 2-الوضع الشخصي والاجتماعي.
 3-التوقعات فيما يتعلق بالفائدة المحتملة من محتوى الوسيلة الإعلامية .
 4-سهولة الوصول إلى المحتويات.
 الخطوة الثالثة:
 يعتبر الاشتراك مفهوماً أساسياً. فالسياسي الذي يقول:( أحبوني أو اكرهوني, ولكن لا تتجاهلوني) إنما يتحدث عن أهمية مشاركة الجمهور ويشير إلى ضرورة الاشتراك والمساهمة النشطة في تنسيق المعلومات, فالأشخاص الذين أثيروا إدراكياً أو عاطفياً سوف يشتركون في نوع من التنسيق الدقيق للمعلومات بعد التعرض, مثل: الإقلاع عن التدخين, أو بدء التدريبات الرياضية, أو إجراء فحوص طبية.
 الخطوة الرابعة:
 الأفراد الذين يشاركون بشكل مكثف في تنسيق المعلومات أكثر قابلية للتأثر بمحتوى وسائل الإعلام, وتهتم أغلب بحوث وسائل الإعلام بالآثار الإدراكية, أو الآثار على الإدراك الحسي, والمواقف, والمعرفة, والقيم. أما الآثار الوجدانية مثل: مشاعر الخوف والسعادة والحب والكراهية, فإنها تحظى باهتمام أقل.
 آثار الاعتماد على وسائل الإعلام:
 يرصد ( ملفين ديفلير) و(ساندرا بول روكيتش) مجموعة الآثار التى تنتج عن اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام من خلال ثلاث فئات أساسية هي:الآثار التى تنتج عن اعتماد الإفراد على وسائل الإعلام من خلال ثلاث فئات أساسية هي:الآثار المعرفية, والآثار الوجدانية, والآثار السلوكية, وسوف نعرض لها فيما يلي:
 أولا – الآثار المعرفية: Cognitive Effects
 تشتمل الآثار المعرفية لوسائل الإعلام وفقاً لنظرية الاعتماد على: كشف الغموض, وتكوين الاتجاهات,وترتيب أولويات الاهتمام, واتساع المعتقدات, والقيم.
 - الغموض: Ambiguity
 ترتبط مشكلة الغموض بالآثار المعرفية لوسائل الإعلام.والغموض عبارة عن مشكلة ناتجة إما عن نقص في المعلومات, أو معلومات بها صراع وتناقض. فالغموض يمكن أن يحدث لأن الناس يفتقرون إلى معلومات كافية لفهم معنى حدث, أو يفتقرون إلى المعلومات التى تحدد التفسير الصحيح من بين تفسيرات عديدة تقدمها وسائل الإعلام.
 يحدث الغموض للجمهور أيضاً في ظروف التغيرات الاجتماعية السريعة, وتحديث المجتمعات التقليدية. والناس الذين يعتمدون أكثر على وسائل الإعلام, هم الذين يحاولون الحصول على معلومات بسرعة لإزالة الغموض, وبدون الاعتماد على وسائل الإعلام, قد يحتاج الأمر إلى أيام أو شهور أو سنوات لكشف أسباب الغموض في المعلومات.
 - تكوين الاتجاه: Attitude Formation
 من الآثار المعرفية الشائعة للأفراد الذين يعتمدون على وسائل الإعلام, أنهم يستخدمون معلومات تلك الوسائل في تكوين الاتجاهات نحو القضايا الجدلية المثارة في المجتمع, وقد حدث ذلك كثيراً بأن ساهمت وسائل الإعلام في تكوين اتجاهات الأفراد نحو قضايا مثل: مشكلات البيئة, وأزمات الطاقة, والفساد السياسي.
 - ترتيب الأولويات: Agenda – setting
 تلعب وسائل الإعلام دورها في ترتيب أولويات الجمهور الذي يعتمد على تلك الوسائل في معرفة القضايا البارزة,والمشكلات الملحة من بين العديد من القضايا البارزة, والمشكلات الملحة من بين العديد من القضايا والموضوعات المطروحة في المجتمع.
 - اتساع المعتقدات: Enlargement
 تساهم وسائل الإعلام في توسيع المعتقدات التى يدركها أفراد الجمهور, لأنهم يتعلمون من أناس وأماكن وأشياء عديدة من وسائل الإعلام. ويتم تنظيم هذه المعتقدات في فئات تنتمي إلى الأسرة أو الدين أو السياسة بما يعكس الاهتمامات الرئيسية للأنشطة الاجتماعية.
 - القيم: Values
 القيم هي مجموعة المعتقدات التى يشترك فيها أفراد جماعة ما يرغبون في ترويجها والحفاظ عليها مثل:الأمانة – الحرية – المساواة – التسامح, وتقوم وسائل الإعلام بدور كبير في توضيح أهمية القيم.
 ثانيا: الآثار الوجدانية: ِAffective Effects
 ترتبط العمليات الوجدانية ببعض المصطلحات مثل: المشاعر أو العواطف, ويمكن التعرف على آثار وسائل الإعلام على الوجدان وقياس هذه الآثار الوجدانية في: الفتور العاطفي أو اللامبالاة, والخوف والقلق, والدعم المعنوي والاغتراب.
 - الفتور العاطفي: Desensitization
 يفترض أن كثرة التعرض للعنف في وسائل الإعلام يؤدي إلى شعور بالتبلد أو اللامبالاة, وعدم الرغبة في تقديم العون للآخرين حين تقع أحداث عنيفة في الواقع الحقيقي.
 2- الخوف والقلق: Fear and Anxiety
 عندما تعرض وسائل الإعلام أحداث العنف والرعب والكوارث والاغتيالات, فإنها تثير مشاعر الخوف لدى المتلقين, والقلق من الوقوع ضحايا لأعمال العنف في الواقع.
 - الدعم المعنوي والاغتراب: Morale and Alienation
 من بين التأثيرات الوجدانية لوسائل الإعلام رفع الروح المعنوية لدى المواطنين أو تزايد شعورهم بالاغتراب.كما يؤكد (كلاب) Klapp" أن المجتمعات التى تقوم وسائل الإعلام فيها بادوار اتصال رئيسية, ترفع الروح المعنوية لدى الأفراد نتيجة زيادة الشعور الجمعي والتوحيد والاندماج, وخاصة إذا كانت وسائل الإعلام تقوم فيها بأدوار اتصال رئيسية, لرفع الروح المعنوية لدى الأفراد نتيجة زيادة الشعور الجمعي والتوحيد والاندماج.
 ثالثاً: الآثار السلوكية Behavioral Effects
 تنحصر الآثار السلوكية لاعتماد الفرد على وسائل الإعلام – وفقاً لديفلور وروكيتش – في سلوكين أساسين هما التنشيط والخمول.
 1- التنشيط:Activition
 التنشيط يعنى قيام الفرد بعمل ما نتيجة التعرض للوسيلة الإعلامية, وهو المنتج النهائي لربط الآثار المعرفية والوجدانية, وقد يتمثل هذا التنشيط في: اتخاذ مواقف مؤيدة لمطالبة المرأة بحقوقها, والمساواة بين الجنسين,أو الإقلاع عن التدخين.
 - الخمول: Deactivation
 الخمول يعنى عدم النشاط وتجنب القيام بالفعل, وهذا النوع من الآثار السلوكية لم يحظ بالدراسات الكافية,وقد يتمثل الخمول في العزوف عن المشاركة السياسية, وعدم الإدلاء بالتصويت الانتخابي,وعدم المشاركة في الأنشطة التى تفيد المجتمع.
 النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام
 يشير النموذج المتكامل إلى آثار وسائل الإعلام على الأفراد نتيجة الاعتماد المتبادل بين: : وسائل الإعلام, والنظم الاجتماعية الأخرى, والجماهير, ويشتمل النموذج على قائمة معقدة من العوامل والمتغيرات التى تؤدي إلى الآثار المحتملة لوسائل الإعلام, ويمكن تلخيص العلاقات التى يرمز لها النموذج على النحو التالي:
 أولاً: ينشأ تدفق الأحداث من المجتمع الذي يضم مجموعة من النظم الاجتماعية التى يحكمها الوظيفة البنائية, وتحدث علاقات اعتماد متبادلة بين هذه النظم الاجتماعية ووسائل الإعلام.
 ثانياً: تؤثر عناصر الثقافة والبناء الاجتماعي للمجتمع على وسائل الإعلام إيجاباً وسلباً, وهي التى تحدد خصائص وسائل الإعلام التى تتضمن: الأهداف, والموارد, والتنظيم, والبناء,والعلاقات المتبادلة
 ثالثاً: تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث التى تقع داخل النظم الاجتماعية المختلفة, ومن الأشخاص داخل هذه النظم, وتنتقي وسائل الإعلام التركيز على بعض القضايا والموضوعات التى تشكل رسائل وسائل الإعلام المتاحة للجماهير.
 رابعاً: العنصر الرئيسي في هذا الإطار المتكامل هو الأفراد كأعضاء في الجمهور المتلقي لوسائل الإعلام, هؤلاء الأفراد لديهم بناء متكامل للواقع الاجتماعي تم تشكيله عبر التنشئة الاجتماعية والتعليم والانتماء إلى جماعات ديموغرافية, وعوامل التكيف الاجتماعي.
 خامساً: حين يكون الواقع الاجتماعي محدداً ومفهوماً للأفراد, ويلبي حاجاتهم وتطلعاتهم قبل وأثناء استقبال الرسائل الإعلامية, لن يكون لرسائل الإعلام تأثير يذكر سوى تدعيم المعتقدات والقيم وأنماط السلوك الموجودة بالفعل.
 وعلى النقيض, حين لا يكون لدى الأفراد واقع اجتماعي حقيقي يسمح بالفهم والتوجيه والسلوك, فإنهم يعتمدون على وسائل الإعلام بقدر أكبر لفهم الواقع الاجتماعي.
 سادساً: تتدفق المعلومات من وسائل الإعلام لكي تؤثر في الأفراد, وفي بعض الحالات تتدفق المعلومات أيضاً من الأفراد لكي تؤثر في وسائل الإعلام, وفي المجتمع ككل, ويتخذ ذلك بعض الأشكال.. مثل: الاعتراض الجماهيري الذي يزيد من مستوى الصراع في المجتمع.
 نظريات المعرفة من وسائل الإعلام
 ساد الاعتقاد لدى الباحثين الإعلاميين حتى منتصف السبعينيات بأن وسائل الاتصال تمارس تأثيرات محدودة على اتجاهات الجمهور وسلوكه, وحاولت دراسات إعلامية عديدة أن تتقصى أثر وسائل الاتصال على المعرفة, وبرز في هذا الإطار بعض الروافد النظرية لعل أبرزها:
 نظرية التماس المعلومات.
 نظرية فجوة المعرفة.
 نظرية تمثيل المعلومات.
 نظرية تحليل الإطار الإعلامي.
 نظرية التماس المعلومات: Information Seeking
 تركزت هذه النظرية على سلوك الفرد في بحثه عن المعلومات من مصادر الاتصال المختلفة, والتعرف على العوامل التى تؤثر في هذا السلوك. وبالتالي فإن هذه النظرية تستهدف متلقي الاتصال بدلاً من القائم بالاتصال أو الرسالة الإعلامية.
 وتسعى هذه النظرية إلى اختيار فرضية مؤداها: (أن التعرض الانتقائي للأفراد يجعلهم يختارون المعلومات التى تؤيد اتجاهاتهم الراهنة).
 ولاحظ ( دونهيو وتبتون) أن هناك عوامل عديدة يمكن أن تؤثر على اختيار الفرد للرسائل الاتصالية التى يتعرض غليها, وكذلك استخدام المعلومات في تدعيم الاتجاهات الحالية. ومن هذه العوامل إمكانية توظيف المعلومات لخدمة أهداف محددة, أو إشباع حاجات أساسية في موضوع معين, أو البحث عنها لمجرد الترفيه والتسلية, أو بسبب الحاجة للتنويع,أو بسبب سمات الشخصية.
 فروض النظرية:
 ويفترض نموذج (التماس المعلومات) وجود حوافز أو منبهات تؤدي إلى سعى الفرد للحصول على معلومات لمواجهة مشكلة ما, أو مقارنتها بما لديها من قيم ومعارف سابقة بهدف القدرة على التعامل مع المواقف الجديدة. وهناك عناصر أخرى ترتبط بالمواقف التى تؤثر على بحث الفرد عن المعلومات مثل: قيود الوقت ومحدوديته, ومدى توافر معلومات سابقة عن الموضوع.
 وفيما يتعلق بنوع المعلومات التى يبحث عنها الفرد فقد يستخدم ما أطلق عليه(دونهيو) (استراتيجية البحث المجازف ) التى تعتمد على مصادر معين أو على عدة مصادر أساسية, أو بإتباع كل ما يستطيع الفرد جمعه من معلومات, ثم يتم تصنيف هذه المعلومات وتحليلها وربطها بالخبرة السابقة للفرد.
 ويشتمل النموذج كذلك على تحديد أنواع مصادر المعلومات الرسمية مثل: الكتب والخبراء, والمصادر غير الرسمية مثل الأقران والجماعات المرجعية.
 وتؤثر بنية المجتمع بشكل واضح على استخدام الأفراد لوسائل الاتصال من أجل التماس المعلومات, حيث يؤثر نوع الوسائل المستخدمة في مجتمع ما على تفضيل الأفراد لوسيلة( وسائل) معينة كمصدر للمعلومات. ولاحظ بعض الباحثين أن بنية المجتمع تشكل عنصراً رئيسياً في السيطرة على المعلومات. فمن خلال تحديد ظروف وسائل الإعلام, تميل بنية المجتمع إلى تشكيل طريقة استخدام الأفراد لوسائل معينة, وتفضيلاتهم النسبية لبعض الوسائل على غيرها.
 نظرية فجوة المعرفة: Knowledge Gap
 ظهرت هذه النظرية بعد رصد نتائج بحوث عديدة أشارت إلى أن قطاعات الجمهور المختلفة تحظى بقدر متوازن في الحصول على المعلومات المتدفقة من وسائل الاتصال الحديثة. وتعتمد هذه النظرية على الفرض التالي: ( يؤدي تدفق المعلومات من وسائل الإعلام داخل النظام الاجتماعي إلى جعل فئات الجمهور ذوى المستوى الاقتصادي الاجتماعي المرتفع يكتسبون هذه المعلومات بمعدلات أسرع من الفئات ذوى المستوى الاقتصادي الاجتماعي المنخفض,وبالتالي تتجه فجوة المعرفة بين فئات الجمهور المختلفة إلى الزيادة بدلاً من النقصان).
 ويؤكد هذا الفرض على أن الفئات ذات المستوى الاجتماعي الاقتصادي المنخفض لا تظل فقيرة في المعلومات بوجه عام, ولكنها تكتسب معلومات أقل نسبياً من الفئات الأعلى في المستوى الاجتماعي الاقتصادي.
 وقد أيدت بحوث عديدة صحة هذه الفرضية في الولايات المتحدة, وأوربا, وأمريكا اللاتينية, والشرق الأوسط.. حيث أشارت إلى أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية هي المحدد الرئيسي لاكتساب الجمهور للمعرفة.
 مستويات تطبيق نظرية فجوة المعرفة
 وحالياً يتم تطبيق نظرية فجوة المعرفة على مستويين رئيسيين:
 1- المستوى الفردي الضيق: Micro Level ويتضمن اكتساب الفرد للمعرفة من وسائل الاتصال, ويتحكم في ذلك: الفروق الفردية, ومهارات الاتصال, والقدرة المعرفية, ومستوى الاهتمام, وغيرها من العوامل الفردية.
 2- المستوى المجتمعي الأشمل: Micro Level ويشمل طبيعة البناء الاجتماعي والمتغيرات المرتبطة بالمجتمع مثل: أساليب نشر المعلومات وتوزيعها, ووسائل الاتصال المتاحة, وطبيعة الصراع الاجتماعي,وملكية وسائل الإعلام وطرق تمويلها وتشغيلها.
 وقد أجريت بحوث عديدة على المستويين الفردي والمجتمعي لاختبار معدلات النمو المعرفي ومستويات المعرفة كمتغيرات تابعة, وركزت بحوث المستوى الفردي على التعليم كمتغير رئيسي للمستوى الاجتماعي الاقتصادي باعتباره يؤثر في معدلات اكتساب المعرفة.
 وتعد الحملات الإعلامية السياسية والاجتماعية مجالاً مناسباً لاختبار نظرية فجوة المعرفة, وذلك بسبب زيادة تدفق المعلومات الخاصة بالمرشحين إبان الحملات الانتخابية فيما يساعد الناخبين على اتخاذ قرارات التصويت وفقاً للمعلومات المتدفقة من وسائل الاتصال المختلفة.
 قياس فروض النظرية
 ويمكن قياس فروض فجوة المعرفة بأسلوبين هما:
 1- خلال فترة زمنية محددة: حيث يتضح الارتباط الأكبر بين التعليم واكتساب المعرفة عن الموضوعات التى تعكسها وسائل الإعلام, ويمكن في هذه الحالة أن تبرز فجوة المعرفة بسبب متغير أو أكثر من متغيرات الخبرات السابقة.
 2- خلال فترة زمنية طويلة نسبياً: حيث يمكن أن يحدث اكتساب المعرفة عن موضوع تنشره وسائل الإعلام, ويكون الربط بين المستوى التعليمي واكتساب المعرفة أقل منه في الحالة السابقة.
 وتعتمد بحوث فجوة المعرفة على قياس مجموعة من المتغيرات لعل أهمها:
 - المستوى الاجتماعي الاقتصادي.
 2- المستوى التعليمي.
 3- درجة الاهتمام بالموضوع أو القضية المثارة.
 4- حجم التعرض لوسائل الاتصال .
 5- مدى الاستغراق في التعرض.
 6- درجة الدفاعية.
 7- رصيد الخبرة الشخصية.
 8- طبيعة الموضوع أو القضية.
 9- كثافة التغطية الإعلامية.
 10- المتغيرات الديموغرافية.
 نظرية تمثيل المعلومات: Information Processing



نظرية الإستخدامات و الإشباعات

 نظرية الاستخدامات والإشباعات
 د. طه نجم
 تطور الاهتمام باستخدام مدخل الاستخدامات والإشباعات :
 بدأ الاهتمام بمدخل الاستخدامات والإشباعات عبر وسائل الإعلام منذ الأربعينيات من القرن العشرين من خلال دراسات لازرسفيليد lazarsfeld عن دوافع الاستماع إلى الراديو ودراسات بيرلسون Berlson حول أسباب قراءة الصحف. ثم تطورت دراسات هذا المدخل في السبعينيات عندما اهتم الباحثون بحاجات الجمهور الاجتماعية والنفسية كما ذهب كاتز katz ، وجاءت دراسات ماكويل Mcquail ، وبلملرBlumler عن محتوى التليفزيون لتؤكد على الربط بين استعمال محتوى برامج التليفزيون والظروف الاجتماعية للمشاهد
 التوجهات المعاصرة في مجال الاستخدامات والإشباعات
 . الاتجاه الأول يربط بين دوافع استخدام الوسيلة الإعلامية وتكوين اتجاهات نحوها ، وإبراز سلوكيات معينة. ويعد كل من استمان Estman، وروبن Rubin من مؤسسي هذا الاتجاه ، ويقدمان من خلاله إشارات عن أنماط استخدام الوسيلة.
 2. الاتجاه الثاني يقارن بين الدوافع عبر الوسيلة أو المحتوى ، ويمثل هذا الاتجاه بنتز Bantz ، وكوهين Cohen ، وليفي Levy ، وجولدنGolden ، واليوات Elliott ، ويهتم هذا الاتجاه بالتحليلات المقارنة لفاعلية وسائل الإعلام المختلفة بهدف تلبية متطلبات الجماهير وحاجاتها.
 . الاتجاه الثالث يهتم بدراسة المواقف الاجتماعية والنفسية لاستخدام الوسيلة. ويمثل هذا الاتجاه أدونى Adoni، وديميك Dimmick ، ومكين Mccain ، وبولتون Bolton ، وهيدنسون Hedinsonواهتم أصحاب هذا الاتجاه بالتركيز على العناصر المؤثرة في السلوك الإعلامي مثل أسلوب الحياة والشخصية والوحدة والعزلة وتأثير البيئة والأسرة.

 . الاتجاه الرابع يرتكز على تحليل العلاقة بين البحث عن الإشباعات والحصول عليها أثناء استخدام الوسيلة أو من خلال المحتوى المقدم ، ويمثل هذا الاتجاه بابرو Babrow ،، وبالمجرين ، ووينر Wenner واهتم أصحاب هذا الاتجاه في دراستهم بالإجابة عن سؤال : كيف يكون لدى الناس دافع و تشبعه الوسيلة ؟.
 5. الاتجاه الخامس ويقوم على دراسة الاختلافات بين المتغيرات الوسيطة المرتبطة باستخدام الوسيلة ودوافع استخدامها ، وبحث نتائج الاستخدام المتوقعة.
 الفروض الأساسية لمدخل الاستخدامات والإشباعات :
 تستند الأسس النظرية لمدخل الاستخدامات والإشباعات على مجموعة من الفروض أهمها أن مستهلكي وسائل الإعلام نشطاء في اختياراتهم لرسائل الإعلامية لاحتياجاتهم السيكولوجية والاجتماعية وطبقا لنماذج " كاتز " و" بلملر " و "جيرفتش " فإن الأصول الاجتماعية والسيكولوجية للحاجات تؤدى إلى الدوافع ، وينتج من خلالها توقع المكافآت التي يحصل عليها الفرد ، وقد صنف هؤلاء الباحثون حاجات مستخدمي وسائل الإعلام خمس فئات أساسية هي
 حاجات مستخدمي وسائل الإعلام
 . حاجات معرفية وهى متعلقة بالحاجة إلى معرفة المعلومات والتفاهم بين الناس ، ويبدو ذلك مثلاً في حاجة الفرد إلى معرفة التنبؤات الجوية ومتابعة الموضوعات السياسية والاقتصادية ، وتستطيع الصحف تقديم هذه المعلومات من خلال الأخبار والمقالات الصحفية.
 2. حاجات عاطفية، وهى متعلقة بتقوية التجارب العاطفية والجمالية ، وتستطيع الصحف تقديم المواد الترفيهية من خلال معلومات خفيفة عن الفن والفنانين والرياضيين.
 . حاجات مكملة للشخصية ، وهى متعلقة بتقوية المصداقية والثقة والاستقرار ووضع الفرد ، ويبدو ذلك واضحاً في إعلانات الوظائف الشاغرة التي تنشرها الصحف لتقديم معلومات تشبع الحاجات المكملة للشخصية.
 4. الحاجات الاجتماعية المكملة ، وهى متعلقة بتقوية الاتصال مع العائلة والأصدقاء والمجتمع ويبدو ذلك واضحاً في أخبار المجتمع ، والتهاني التي تنشر على صفحات الجرائد.
 5. الحاجات الخيالية ، وهى متعلقة بالهروب من مشاكل الحياة اليومية والرغبة في التسلية مثل متابعة القراء لأخبار النجوم وحل الكلمات المتقاطعة وقراءة القصص الخيالية.
 دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة :-
 تعد دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة ، من الفروض الأساسية التي يقوم عليها المدخل ويفترض هذا المدخل أن دوافع التعرض لوسائل الإعلام تنتج أساسا عن الحاجات الأساسية والاجتماعية لأفراد الجمهور ، وتؤدى إلى توقعات يمكن إشباعها من خلال استخدام وسائل الإعلام. وترتبط مضامينها بمتغيرات ديموجرافية متعددة كالسن والنوع والتعليم والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية ، ولذلك يرتبط تأثير وسائل الإعلام بهذه المتغيرات
 دوافع التعرض عند روبن
 تعد دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة ، من الفروض الأساسية التي يقوم عليها المدخل ويفترض هذا المدخل أن دوافع التعرض لوسائل الإعلام تنتج أساسا عن الحاجات الأساسية والاجتماعية لأفراد الجمهور ، وتؤدى إلى توقعات يمكن إشباعها من خلال استخدام وسائل الإعلام. وترتبط مضامينها بمتغيرات ديموجرافية متعددة كالسن والنوع والتعليم والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية ، ولذلك يرتبط تأثير وسائل الإعلام بهذه المتغيرات
 الإشباعات المتوقعة من التعرض لوسائل الإعلام
 قسم " وينر " هذه الإشباعات إلى نوعين هما :
 1. إشباعات المحتوى ، وتنتج عن التعرض لمحتوى وسائل الإعلام وينتج عنها نوعان من الإشباعات هما :
 أ. إشباعات توجيهية ، وتتضمن الحصول على المعلومات وتأكيد الذات وهى ترتبط بكثافة التعرض والاهتمام والاعتماد على وسائل الإعلام.
 ب. إشباعات اجتماعية، ويقصد بها الربط بين المعلومات التي يحصل عليها الفرد بشبكة علاقاته.
 . إشباعات عملية، وتنتج عن عملية الاتصال والارتباط بوسيلة محددة ولا ترتبط مباشرة بخصائص الرسائل وتنقسم إلى نوعين هما :
 أ. إشباعات شبه توجيهية ، وتتحقق من خلال تخفيف الإحساس بالتوتر والدفاع عن الذات ، وتنعكس في برامج التسلية والترفيه والإثارة.
 ب. إشباعات شبه اجتماعية ، وتتحقق من خلال التوحد مع شخصيات وسائل الإعلام ، وتزيد هذه الإشباعات مع ضعف علاقات الفرد الاجتماعية ، وزيادة إحساسه بالعزلة.
 النقد الموجه لمدخل الاستخدامات والإشباعات :-
 . هناك خلاف حول تحديد المصطلحات والمفاهيم مثل" الحاجة" و"الاستخدام" و"الإشباع" مما أدى إلى خلق الغموض في الدراسات التي اعتمدت على هذا المدخل ولذلك فإن تطور هذا المدخل وتطبيقاته يحتاج بداية إلى الاتفاق على المصطلحات والمفاهيم وتوظيفها والربط بين النماذج المختلفة للإشباع في علاقتها بالمعاني المستقاة من المحتوى الذى يتعرض له الفرد بجانب الانتقال من الاهتمام والتركيز على الفرد إلى علاقة الاستخدام والإشباع بالنظم الاجتماعية الأكبر.
 2. يتجاهل منظرو هذا المدخل الخلفيات الاجتماعية للجمهور وكيفية تفسيره لوسائل الإعلام.
 3. إن نتائج بحوث الاستخدامات والإشباعات ربما تتخذ ذريعة لإنتاج المحتوى الهابط ، خصوصاً عندما يرى بعض الباحثين أنه يلبى حاجات أعضاء المتلقين في مجالات التسلية والترفيه والهروب من روتين الحياة.
 4. إن تطبيق هذا المدخل يطرح تساؤلاً حول قياس الاستخدام فهل يكفي الوقت الذى يقضيه الفرد في التعرض لوسائل الإعلام أو محتواها في قياس كثافة التعرض أو الاستخدام
 الرد على الانتقادات الموجهة لمدخل الاستخدامات والإشباعات
 دافع باحثو الاستخدامات والإشباعات عن المدخل بأنه ليس مدخلاً وظيفياً بطبيعته ، وأن مصادر التغيير قائمة سواء في سلوك الجمهور تجاه وسائل الإعلام أو في تنظيم محتوى هذه الوسائل. فالتناقض بين الإشباعات التي يبحث عنها الجمهور وبين ما يحصل عليه بالفعل؛ يمكن أن يؤدى إلى تغيير في محتوى وتنظيم وسائل الإعلام في أى نظام إعلامي حريص على الاستجابة للواقع الذى يعمل فيه. أما بالنسبة لقضية غموض افتراض الجمهور النشط
 ، فقد تم التغلب عليها من خلال تقسيم إيجابية الجمهور إلى ثلاث مراحل تتمثل في الانتقاء قبل التعرض ، والاحترام أثناء التعرض ، وزيادة المعرفة والنقاش بعد التعرض. وأخيرا وبالنسبة لغموض مفهومى الاستخدامات والإشباعات ، فقد أشار منظرو هذا المدخل إلى أنه لا يمكن تناول عناصر هذين المفهومين بطريقة منفصلة وإنما بطريقة متكاملة تختلف باختلاف العوامل الديموجرافية للفرد




نظرية اجتياز المجتمع التقليدي

نظرية الاستخدامات والإشباعات
د. طه نجم
تطور الاهتمام باستخدام مدخل الاستخدامات والإشباعات :
بدأ الاهتمام بمدخل الاستخدامات والإشباعات عبر وسائل الإعلام منذ الأربعينيات من القرن العشرين من خلال دراسات لازرسفيليد lazarsfeld عن دوافع الاستماع إلى الراديو ودراسات بيرلسون Berlson حول أسباب قراءة الصحف. ثم تطورت دراسات هذا المدخل في السبعينيات عندما اهتم الباحثون بحاجات الجمهور الاجتماعية والنفسية كما ذهب كاتز katz ، وجاءت دراسات ماكويل Mcquail ، وبلملرBlumler عن محتوى التليفزيون لتؤكد على الربط بين استعمال محتوى برامج التليفزيون والظروف الاجتماعية للمشاهد
التوجهات المعاصرة في مجال الاستخدامات والإشباعات
. الاتجاه الأول يربط بين دوافع استخدام الوسيلة الإعلامية وتكوين اتجاهات نحوها ، وإبراز سلوكيات معينة. ويعد كل من استمان Estman، وروبن Rubin من مؤسسي هذا الاتجاه ، ويقدمان من خلاله إشارات عن أنماط استخدام الوسيلة.
2. الاتجاه الثاني يقارن بين الدوافع عبر الوسيلة أو المحتوى ، ويمثل هذا الاتجاه بنتز Bantz ، وكوهين Cohen ، وليفي Levy ، وجولدنGolden ، واليوات Elliott ، ويهتم هذا الاتجاه بالتحليلات المقارنة لفاعلية وسائل الإعلام المختلفة بهدف تلبية متطلبات الجماهير وحاجاتها.
. الاتجاه الثالث يهتم بدراسة المواقف الاجتماعية والنفسية لاستخدام الوسيلة. ويمثل هذا الاتجاه أدونى Adoni، وديميك Dimmick ، ومكين Mccain ، وبولتون Bolton ، وهيدنسون Hedinsonواهتم أصحاب هذا الاتجاه بالتركيز على العناصر المؤثرة في السلوك الإعلامي مثل أسلوب الحياة والشخصية والوحدة والعزلة وتأثير البيئة والأسرة.

. الاتجاه الرابع يرتكز على تحليل العلاقة بين البحث عن الإشباعات والحصول عليها أثناء استخدام الوسيلة أو من خلال المحتوى المقدم ، ويمثل هذا الاتجاه بابرو Babrow ،، وبالمجرين ، ووينر Wenner واهتم أصحاب هذا الاتجاه في دراستهم بالإجابة عن سؤال : كيف يكون لدى الناس دافع و تشبعه الوسيلة ؟.
5. الاتجاه الخامس ويقوم على دراسة الاختلافات بين المتغيرات الوسيطة المرتبطة باستخدام الوسيلة ودوافع استخدامها ، وبحث نتائج الاستخدام المتوقعة.
الفروض الأساسية لمدخل الاستخدامات والإشباعات :
تستند الأسس النظرية لمدخل الاستخدامات والإشباعات على مجموعة من الفروض أهمها أن مستهلكي وسائل الإعلام نشطاء في اختياراتهم لرسائل الإعلامية لاحتياجاتهم السيكولوجية والاجتماعية وطبقا لنماذج " كاتز " و" بلملر " و "جيرفتش " فإن الأصول الاجتماعية والسيكولوجية للحاجات تؤدى إلى الدوافع ، وينتج من خلالها توقع المكافآت التي يحصل عليها الفرد ، وقد صنف هؤلاء الباحثون حاجات مستخدمي وسائل الإعلام خمس فئات أساسية هي
حاجات مستخدمي وسائل الإعلام
. حاجات معرفية وهى متعلقة بالحاجة إلى معرفة المعلومات والتفاهم بين الناس ، ويبدو ذلك مثلاً في حاجة الفرد إلى معرفة التنبؤات الجوية ومتابعة الموضوعات السياسية والاقتصادية ، وتستطيع الصحف تقديم هذه المعلومات من خلال الأخبار والمقالات الصحفية.
2. حاجات عاطفية، وهى متعلقة بتقوية التجارب العاطفية والجمالية ، وتستطيع الصحف تقديم المواد الترفيهية من خلال معلومات خفيفة عن الفن والفنانين والرياضيين.
. حاجات مكملة للشخصية ، وهى متعلقة بتقوية المصداقية والثقة والاستقرار ووضع الفرد ، ويبدو ذلك واضحاً في إعلانات الوظائف الشاغرة التي تنشرها الصحف لتقديم معلومات تشبع الحاجات المكملة للشخصية.
4. الحاجات الاجتماعية المكملة ، وهى متعلقة بتقوية الاتصال مع العائلة والأصدقاء والمجتمع ويبدو ذلك واضحاً في أخبار المجتمع ، والتهاني التي تنشر على صفحات الجرائد.
5. الحاجات الخيالية ، وهى متعلقة بالهروب من مشاكل الحياة اليومية والرغبة في التسلية مثل متابعة القراء لأخبار النجوم وحل الكلمات المتقاطعة وقراءة القصص الخيالية.
دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة :-
تعد دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة ، من الفروض الأساسية التي يقوم عليها المدخل ويفترض هذا المدخل أن دوافع التعرض لوسائل الإعلام تنتج أساسا عن الحاجات الأساسية والاجتماعية لأفراد الجمهور ، وتؤدى إلى توقعات يمكن إشباعها من خلال استخدام وسائل الإعلام. وترتبط مضامينها بمتغيرات ديموجرافية متعددة كالسن والنوع والتعليم والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية ، ولذلك يرتبط تأثير وسائل الإعلام بهذه المتغيرات
دوافع التعرض عند روبن
تعد دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام والإشباعات المتوقعة ، من الفروض الأساسية التي يقوم عليها المدخل ويفترض هذا المدخل أن دوافع التعرض لوسائل الإعلام تنتج أساسا عن الحاجات الأساسية والاجتماعية لأفراد الجمهور ، وتؤدى إلى توقعات يمكن إشباعها من خلال استخدام وسائل الإعلام. وترتبط مضامينها بمتغيرات ديموجرافية متعددة كالسن والنوع والتعليم والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية ، ولذلك يرتبط تأثير وسائل الإعلام بهذه المتغيرات
الإشباعات المتوقعة من التعرض لوسائل الإعلام
قسم " وينر " هذه الإشباعات إلى نوعين هما :
1. إشباعات المحتوى ، وتنتج عن التعرض لمحتوى وسائل الإعلام وينتج عنها نوعان من الإشباعات هما :
أ‌. إشباعات توجيهية ، وتتضمن الحصول على المعلومات وتأكيد الذات وهى ترتبط بكثافة التعرض والاهتمام والاعتماد على وسائل الإعلام.
ب. إشباعات اجتماعية، ويقصد بها الربط بين المعلومات التي يحصل عليها الفرد بشبكة علاقاته.
. إشباعات عملية، وتنتج عن عملية الاتصال والارتباط بوسيلة محددة ولا ترتبط مباشرة بخصائص الرسائل وتنقسم إلى نوعين هما :
أ‌. إشباعات شبه توجيهية ، وتتحقق من خلال تخفيف الإحساس بالتوتر والدفاع عن الذات ، وتنعكس في برامج التسلية والترفيه والإثارة.
ب. إشباعات شبه اجتماعية ، وتتحقق من خلال التوحد مع شخصيات وسائل الإعلام ، وتزيد هذه الإشباعات مع ضعف علاقات الفرد الاجتماعية ، وزيادة إحساسه بالعزلة.
النقد الموجه لمدخل الاستخدامات والإشباعات :-
. هناك خلاف حول تحديد المصطلحات والمفاهيم مثل" الحاجة" و"الاستخدام" و"الإشباع" مما أدى إلى خلق الغموض في الدراسات التي اعتمدت على هذا المدخل ولذلك فإن تطور هذا المدخل وتطبيقاته يحتاج بداية إلى الاتفاق على المصطلحات والمفاهيم وتوظيفها والربط بين النماذج المختلفة للإشباع في علاقتها بالمعاني المستقاة من المحتوى الذى يتعرض له الفرد بجانب الانتقال من الاهتمام والتركيز على الفرد إلى علاقة الاستخدام والإشباع بالنظم الاجتماعية الأكبر.
2. يتجاهل منظرو هذا المدخل الخلفيات الاجتماعية للجمهور وكيفية تفسيره لوسائل الإعلام.
3. إن نتائج بحوث الاستخدامات والإشباعات ربما تتخذ ذريعة لإنتاج المحتوى الهابط ، خصوصاً عندما يرى بعض الباحثين أنه يلبى حاجات أعضاء المتلقين في مجالات التسلية والترفيه والهروب من روتين الحياة.
4. إن تطبيق هذا المدخل يطرح تساؤلاً حول قياس الاستخدام فهل يكفي الوقت الذى يقضيه الفرد في التعرض لوسائل الإعلام أو محتواها في قياس كثافة التعرض أو الاستخدام
الرد على الانتقادات الموجهة لمدخل الاستخدامات والإشباعات
دافع باحثو الاستخدامات والإشباعات عن المدخل بأنه ليس مدخلاً وظيفياً بطبيعته ، وأن مصادر التغيير قائمة سواء في سلوك الجمهور تجاه وسائل الإعلام أو في تنظيم محتوى هذه الوسائل. فالتناقض بين الإشباعات التي يبحث عنها الجمهور وبين ما يحصل عليه بالفعل؛ يمكن أن يؤدى إلى تغيير في محتوى وتنظيم وسائل الإعلام في أى نظام إعلامي حريص على الاستجابة للواقع الذى يعمل فيه. أما بالنسبة لقضية غموض افتراض الجمهور النشط
، فقد تم التغلب عليها من خلال تقسيم إيجابية الجمهور إلى ثلاث مراحل تتمثل في الانتقاء قبل التعرض ، والاحترام أثناء التعرض ، وزيادة المعرفة والنقاش بعد التعرض. وأخيرا وبالنسبة لغموض مفهومى الاستخدامات والإشباعات ، فقد أشار منظرو هذا المدخل إلى أنه لا يمكن تناول عناصر هذين المفهومين بطريقة منفصلة وإنما بطريقة متكاملة تختلف باختلاف العوامل الديموجرافية للفرد



الاتصال الجماهيري

 الاتصال الجماهيرى:
الماهية والوظائف

د. طه نجم

 مقدمة
 وفي هذا الفصل نحاول تناول القضايا الأساسية التي تفسر عملية الاتصال الجماهيري باعتبارها عملية تتميز بخصائص بيولوجية وسيكولوجية واجتماعية . وتمر بمراحل أساسية يشترك فيها المرسل والمستقبل والرسالة والأداة . ونوضح هذه العملية في ضوء إسهامات النموذج الرياضي في المعلومات ونتناول أيضا خصائص الاتصال الجماهيري ، حيث توجد مجموعة من الخصائص التي تميزه عن سائر أنواع الاتصال الأخرى . كما نتعرض للخصائص التي تميز وسائل الاعلام عن بعضها . فبينما تتميز الوسيلة الطباعية بتوجهها إلى فئات معينة من الجمهور ، نجد أن كلا من الإذاعة المسموعة والمرئية تستطيعان الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الجماهير .
 ونتناول في هذا الفصل أيضا تأثير وسائل الإعلام ، وهو من الموضوعات التي أصبحت مثار اهتمام عديد من الباحثين ، حيث اهتم " هوفلاند" بدراسة الإقناع في وسائل الإعلام ، وكذلك اهتم علماء النفس الاجتماعي مثل " فرنش" و"ريفر" بالعوامل التي تؤثر في سلوك الفرد . وأخيرا نتعرض لوظائف الاتصال الجماهيري في المجتمع ، ودوره في عملية التغيير . وقد حاول كل من لازويل" و"رايت" تصنيف هذه الوظائف . وكذلك نتعرض للوظائف السياسية للاتصال الجماهيري ، حيث يبدو التأثير السياسي متفوقا على تأثيره في الأفراد . ونختم هذه القضية بالتعرض إلى دور الاتصال الجماهيري في عملية التغير الاجتماعي .
 أولا : مفهوم الاتصال الجماهيري :
الاتصال بالمفهوم العام للكلمة هو " انتقال المعلومات والحقائق والأفكار والآراء والمشاعر أيضا " والاتصال هو نشاط إنساني حيوي ، وأن الحاجة إليه في ازدياد مستمر فالإنسان حيوان اجتماعي ، فهو لا يعيش بمفرده ، ولكن بالتعاون مع الأشخاص الآخرين وإذا أخذنا مثالا يدل على الاتصال الإنساني ، نذكر أنه عندما يقول شخص لآخر مرحبا ، ويستخدم الآخر إيماءات في رده على التحية ، حينئذ نجد أن هذه العملية تأخذ ثوان قليلة ، لكنها تتضمن المقدرة على إنجاز أنشطة متعددة وهي:
 ثانيا : عملية الاتصال الجماهيري :
 والاتصال الجماهيري هو عملية تبدأ عندما يصيغ القائمون بالاتصال رسائل معينة . فهم ينشرون رسائلهم بسرعة ، ويستمر نشرها من خلال استخدام وسيلة فنية إلى مناطق عديدة وإلى جماهير مختلفة . وعندما يدرك الأعضاء من الجمهور هذه الرسائل ، فهي ببساطة تكون قد حققت المعنى الذي يقصده القائمون بالاتصال ، وحركت مشاعر الأعضاء من الجماهير .

 والاتصال الجماهيري كعملية تتميز بخصائص بيولوجية وسيكولوجية واجتماعية ، حيث يتطلب استقبال الرسالة عملية بيولوجية لدى الكائن تتصل إلى حد كبير بوظائف الجهاز العصبي والحواس المختلفة . وكل عملية اتصال تتضمن وجود مثير تنتج عنه استجابة . وكذلك تعد العلاقات القائمة بين الأفراد أو الجماعات بمثابة شكل من أشكال الاتصال . وتهدف هذه العلاقات إلى إحداث تغيير في سلوك المتلقي، بل إنها تضطر المرسل أيضا إلى إجراء تغيير في سلوكه . ومن هنا يكون الاتصال الناجح الذي يستطيع أن يجعل المثيرات قادرة على إحداث الاستجابات المرغوب فيها.
 *مراحل تطور عملية الاتصال الجماهيري :
يمكن التمييز بين خمس مراحل أساسية تتم من خلالها عملية الاتصال الجماهيري . وتتخلص بإيجاز فيما يلي (:
يعمل القائمون بالاتصال ، على صياغة أنواع مختلفة من مضمون يقدم إلى نوعيات مختلفة من الجمهور من أجل أغراض متعددة .
تنتشر هذه الرسائل بسرعة نسبيا ، ويستمر انتشارها بواسطة استخدام الوسائل الفنية مثل الطباعة والإذاعة والتليفزيون .

 وقد اهتمت نظريتي " شانون " Shannon و "ويفر" Weaver بتفسير المراحل السابقة. وكان لنظريتهما دور هام في تنمية وتطوير النماذج والنظريات الأخرى التي فسرن عملية الاتصال الجماهيري . ويعتمد نموذج " شانون " على النظرية الرياضية في الاتصال.ويوضح أن مصدر المعلومات يقوم بإنتاج " رسالة" لكي ترسل خارجيا عبر جهاز معين ، ويمكن أن تحتوي هذه الرسالة على كلمات مقرؤة أو مكتوبة أو لحن موسيقى أو صورة . وتنتقل الرسالة من خلال القناة – الوسيلة – حيث يتم بواسطتها نقل الإشارة من المرسل إلى المستقبل ويستقبلها الأخير.ويكون الغاية أو الهدف من هذه العملية هو الثر الذي تتركه الرسالة في سلوك المستقبل ، وما ينتج عنه من تغيير.
 وتهتم نظرية المعلومات عند " شانون و ويفر " بقدرة قناة الاتصال . فالقناة عندهما ليست عبارة عن كمية من الرموز المنقولة من مكان إلى آخر ، ولكنها كمية المعلومات التي يمكن للقناة أن تنقلها . ويؤكد " ويفر " أن كل القنوات سواء كانت إليكترونية أو سلكية أو ميكانيكية أو إنسانية لها حدود للقدرة . وعلى سبيل المثال تستطيع عين الإنسان أن تدرك وتنقل معلومات أكثر في فترة قليلة ، لأن العقل يقوم بعملية الإدراك ثم التخزين . ويلاحظ أيضا بالنسبة لوسائل الإعلام تتحدد قدرة القناة بواسطة المساحة أو الوقت المتاح بالنسبة للمحرر أو مذيع نشرة الأخبار من جانب ، وكذلك الوقت المتاح للجهة المقصودة لنقل الرسالة إليها.
ونظرية المعلومات لا تهتم بالمعلومات بالمعنى الشائع الذي يستخدمه علماء الاجتماع ، وذلك لأن هذه النظرية لا تهتم بالمعنى أو مضمون الرسالة . ولكنها تهتم بإرسال او نقل الرمز والقنوات أو الوسائل التي تحمل الرسالة . ويؤكد "شانون" أن معيار المعلومات يقابل مفهوم عدم الدقة وكلما كانت الرسالة تتصف بعدم الدقة ، كلما زادت نسبة التشويش بها . حيث يؤثر في عدم فهم كامل للرسالة مما يؤدي إلى استخدام بعض الحشو وتكرار المعلومة.
 ثالثا : خصائص الاتصال الجماهيري :
 توجد مجموعة من الخصائص المميزة للاتصال الجماهيري، وغالبا ما يكون ذا اتجاه واحد ، ونادرا ما يكون هناك طريق سهل أو سريع للقارئ أو المشاهد أو المستمع لكي يرى أو يسال أو يتلقى إيضاحات إذا احتاج إليها . ويتميز الاتصال الجماهيري أيضا بأنه يتضمن قسطا كبيرا من الاختيار . فالوسيلة مثلا تختار الجمهور الذي ترغب في الوصول إليه عندما تتخصص في إشباع احتياجات معينة من هذا الجمهور .
 خصائص الاتصال الجماهيري عند تشارلز رايت
 الاتصال الجماهيري موجه صوب جمهور كبير نسبيا ومختلف الاتجاهات . ومن هنا كانت الرسائل الموجهة إلى أفراد متخصصين لا تعتبر في العادة اتصالا جماهيريا .
 الاتصال الجماهيري عام وعاجل وعابر ، فالاتصال عاجل لأن القصد منه أن تصل الرسائل إلى جماهير كبيرة في أقصر وقت ميسور ، بل في التو واللحظة . والاتصال عابر ، بمعنى أنه لا يراد له في العادة الدوام والبقاء والدخول في السجلات . بل يجب أن يستهلك على الفور ، ولكن يستثنى من هذا الأفلام والإذاعات المرئية والمسموعة ما يسجل منها للحفظ في مكتبات .
 خصائص المواد المطبوعة
 وإذا حاولنا التعرض لخصائص المواد المطبوعة ، نجد إنها الوسائل الإعلامية الوحيدة التي تسمح للقارئ بالسيطرة على ظروف التعرض . كما تتيح له الفرصة لكي يقرأ الرسالة أكثر من مرة . كذلك يسمح المطبوع اكثر من أي وسيلة أخرى بعرضه في مساحة كبيرة . ويؤمن بعض الباحثين بأن المطبوع يحتاج إلى مساهمة من جانب القارئ أكبر من تلك التي تتطلبها الوسائل الأخرى من جمهورها ويسمح المطبوع بحرية أكبر في التخيل وتوزيع الظلال والتفسيرات وما شابه ذلك . فالقارئ لا يحس بأنه شخصيا جزء من عملية الاتصال كما يحس مستمع الراديو أو مشاهد التليفزيون.
 خصائص المواد الإذاعية
 أما بالنسبة للإذاعة ، فيقصد بها بداية " هي توصيل برامج الراديو والتليفزيون بقصد استقبال الجمهور العام لها " . وهي مميزة عن الإشارات الخاصة التي توجه مباشرة إلى أفراد معينين . وربما توصف الإذاعة في صورها العامة بأنها نظام لنشر التسلية والتعليم والمعلومات. وهناك العديد من الخصائص التي تميز الإذاعة وتجعلها أداة فعالة للمساهمة في عملية التثقيف ، حيث تمتاز بسهولة التعرض لها دون أن تكلف المستمع شيئا أو الانتقال .
 خصائص المواد المرئية
 إذا حاولنا التعرض لخصائص التليفزيون ، نجد أنه أصبح يشكل محورا مركزيا في حياتنا اليومية ، وجزءا من ثقافتنا ويعد أيضا وسيلة تشير إلى تكامل المجتمع ثقافيا وقد وصف " سيلفرستون" Silverstone التليفزيون بأنه وسيلة ساحرة معقدة مليئة بالتناقض ويتميز أيضا عن الوسائل الأخرى بأنه وسيلة سمعية بصرية ، حيث يجدب العين والأذن ، كما أنه لا يرسل الصورة فقط ، وإنما الصورة المتحركة بما فيها حركة الجسم والتعبيرات التي تنعكس على الوجوه . كما أن التليفزيون وسيلة قوية يمكن بواسطتها الوصول إلى جميع المواطنين . وأخيرا يتميز عن المواد المطبوعة بتقديمه المادة في آنيتها.
 رابعا : تأثير وسائل الإعلام :
 يعد كل من " هوفلاند " Hovland و " جنز"Janis من أبرز العلماء الذين اهتموا بدراسة الإقناع في وسائل الإعلام ، وتوصلا إلى أسباب كثيرة تؤدى إلى التأثر بهذه الوسائل ، ومن أهمها صحة المصدر المقتبس منه الموضوع، وأهمية الموضوع بالنسبة للمستقبل ، وأخيرا اتجاهات وآراء المستقبل بالنسبة للموضوع الذي تتناوله وسائل الإعلام . واقترح هذان العالمان عمل إطار نظري لمناقشة عملية التأثير وأشكاله ، وأسهم " كلمان " Kelman بدور كبير في تناول هذا الموضوع . وقام بدراسة جزء واحد من هذا الموضوع هو " تحليل التأثير الاجتماعي " .
 . ومن أهم العلماء الذين اهتموا بهذا الموضوع هما " فرنش" French و "رفر" Raver ، حيث توصلا إلى خمسة معايير أساسية تؤثر على الفرد ، وينعكس ذلك على الإعلام . وتتلخص هذه المعايير في :
 الجانب الاجتماعي ، ويتمثل في القوة الاجتماعية ، حيث تعتمد هذه القوة على القيم والأفكار التي يؤمن بها المجتمع ولا بد أن تقابل باستحسان من قبل الأفراد .
 التقدير ، ويعتمد على تقدير الأفراد بإعطائهم الحوافز ، ونشر ذلك في وسائل الإعلام لتحفيز الآخرين بتقليدهم .
 ويمارس الإعلام تأثيرا ليس فقط على الأفراد ، ولكن يؤثر أيضا في المجتمع أو الثقافة أو عليهما معا . ويستطيع التأثير في معتقدات الأفراد وقيمهم واختياراتهم ، ويؤثر أيضا في صياغة السياسات العامة ونقل التكنولوجيا . ويؤثر أخيرا وبصفة خاصة على استمرار تدفق المعلومات من الوسيلة والتي بإمكانها أن تحدث تأثيرا عميقا في التغيير الاجتماعي . ولسؤ الحظ يبدو أن تأثير وسائل الإعلام في المجتمع والثقافة أقل من تأثيره في الأفراد .
 خامسا : وظائف الاتصال الجماهيري :
 ويمكن القول أن النتيجة الكلية لمجموعة الأفكار الأساسية الخاصة بوظائف الاتصال الجماهيري تتركز في المجالات التالية :
 الإخبار Information وتتمثل في جمع الأنباء والبيانات والصور والتعليقات عن الأحداث والظروف في المجتمع والعالم ، وبثها بعد معالجتها ووضعها في الإطار الملائم من أجل فهم الظروف الشخصية والبيئية والدولية ، ومن ثم يمكن لمتلقي الأخبار الوصول إلى وضع يسمح له باتخاذ القرار السليم .
 - الوظائف السياسية للاتصال الجماهيري :
 وقد اهتم بعض الباحثين بدراسة الأثر السياسي للإعلام ، وأكدوا على أن تأثيره في العلاقات السياسية يفوق تأثيره في الأفراد . واهتموا بدراسة العلاقة بين الفرد والنظام السياسي ، وهل هذه العلاقة متبادلة تهدف إلى المصلحة العامة أم هي خاصة بطبقة الحكام فقط ؟ وما هو دور الفرد في التصدي للحاكم المتسلط ؟ كل هذه التساؤلات لا بد وأن تقابل بلإجابات من خلال وسائل الإعلام وخصوصا الصحافة . واهتم الباحثون أيضا بدراسة العلاقة بين وسائل الإعلام والمؤسسات الحاكمة ، فمن الممكن أن يتأثر البرلمان بالإذاعة وخططها الإذاعية .
 وقد أكد " هاردت " Hanno Hardt على أن وظيفة الإعلام الأساسية تكمن في ربط المجتمع والعمل على تماسكه والمساعدة على تبادل الآراء والأفكار بين الطبقة الحاكمة وعامة الشعب ، والعمل على استيعاب مشاكل المواطنين ومحاولة حلها . ويؤكد أيضا على أن الإعلام هو الأداة الوحيدة القادرة على إحداث التغيير المناسب ، أي أن الإعلام هو ضمير المجتمع . ويعتبر " هاردت " متأثرا بآراء " روبرت ميرتون " ومدرسة شيكاغو.
 وقد أصبح الإعلام ليس مقصورا على توصيل الأنباء والآراء والأفكار داخل المجتمع ، ولكنه يعد حلقة الوصل التي تربط الفرد بالعالم الخارجي ، ويلاحظ أن الإعلام يرتبط بنظام الحكم في المجتمع ، وعلى سبيل المثال يلاحظ أن دور الإعلام في نظم الحكم الديمقراطية يدعو إلى حرية الفرد في اختيار عمله ومناقشة قرارات الحكام ، بينما في نظم الحكم الشيوعية يلاحظ أن الطبقة الحاكمة لها الحق الكافي في اتخاذ القرارات واتباع أنواع معينة ممن الإجراءات تتفق مع الأيديولوجية السائدة في المجتمع.
 وفي الولايات المتحدة وبعد الحرب العالمية الثانية ، تم إقامة المؤسسات الخاصة بطباعة الصحف . وكانت هذه المؤسسات ذات ملكية خاصة يديرها الأفراد . وارتبطت حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم بنظام الحكم ، وبرز الدور الاجتماعي للصحافة . وفي عام 1947 صدرت بعض المفاهيم التي كانت بمثابة " دستورا "، ركز على تعريف حرية الصحافة . وتكونت بنود هذا الدستور مما يلي:
 اتخاذ الموضوعية في تغطية الأحداث الجارية بعيدا عن الذاتية في الآراء .
 وبينما كان علماء الاجتماع يعدون البحوث الخاصة بتأثير الإنتاج الإعلامي، فقد طور علماء السياسة مجموعة أخرى من الدراسات التي تهتم بتقييم دور الإعلام من منظور نقدي. وكان الموضوع الأساسي الذي شغل الباحثين الأمريكيين هو تدخل الإعلام في السياسة الأمريكية بل واختراقها . وركز البحث على التليفزيون بصفة خاصة . ووجهوا في بحثهم اللوم إلى الطبقة الوسطى ، لأنها المسئولة عن انحطاط الأحزاب السياسية وانحراف الناخب في الانتخابات . وقد استخدم " دافيس Davisمصطلح " نظرية تدخل الإعلام " للإشارة إلى الدور الخطير الذي يمارسه التليفزيون في توجيه القضايا السياسية.
 وكما اهتم السياسيون بتدخل الإعلام في السياسية ، انشغل الإعلاميون أنفسهم بهذا الدور وقال " كارل بيرنشتين " Carl Bbernstein المعروف بتغطيته لفضيحة ووترجيت – عن إجراءات الإعلام الأمريكي وتدخله في السياسة " إن الإعلام الموجود اليوم غير حقيقي ، ومستوحى من نصوص غير مطابقة لحياتنا . وفي تغطيته شوهت سمعة الحياة الأمريكية ، حيث يتم التركيز على تحريك العواطف التي تبتعد كثيرا عن الظروف الحقيقية للمجتمع ، وتبتعد أيضا عن أصول الخطاب السياسي والاجتماعي ومسئولية الصحافة والإعلام " .
 - الاتصال الجماهيري وعملية التغير الاجتماعي :
 ويرجع الاهتمام بدراسات انتشار التغير الاجتماعي على الأقل إلى القرن التاسع عشر ، عندما قام " جبرائيل تارد " Gabriel Tarde عالم الاجتماع بإجراء دراسات كمية عن انتشار راديو الهواه Ham Radio ، وتهجين بذور القمح ، ومقاييس الصحة العامة ، وطرق تعليمية جديدة . وفي الخمسينيات أجريت أبحاث على هذه العمليات وتأسس هذا الاتجاه في كل العلوم الاجتماعية . وقد لخص " ايفرت روجرز" Everett Rogers عددا من النظريات وتقارير الأبحاث عن عملية التكيف مع التجديدات .
 مراحل التكيف مع التجديدات عند إيفرت روحرز
 مرحلة الإدراك Awareness stage ويتعلم فيها الفرد وجود مادة أو موضوع جديد ، ولكن ينقصه تفاصيل المعلومة بشأنها .
 مرحلة التقييم Evaluation stage وفيها يستخدم الفرد الفكرة الجديدة على نطاق ضيق لكي يحدد فائدتها .
 مرحلة التكيف Adoption stage وفيها يستخدم الفرد النوع الجديد أو الفكر باستمرار على نطاق واسع .
 التأثير الاجتماعي للإعلام عند لوسيان باي
 ولقد قام " لوسيان باى " Pye سنة 1973 بدراسة حول التأثير الاجتماعي للإعلام ، ولخص دراسته في مبدأين أساسيين الأول الاستعداد نحو التحول والتغير بواسطة التأثيرات التي تجلبها وسائل الإعلام ، والثاني أن هناك تفاعلا إيجابيا بين الفرد وهذه الوسائل . ويبرز الدور الكبير الذي يمارسه الإعلام في تشكيل سلوك الفرد ، لأن الفرد يتعلم من البيئة الاجتماعية ، وعلى الإعلام دراسة هذه البيئة ، وعليه أيضا أن يخبرنا بالأنماط المختلفة للدور الاجتماعي والتوقعات المصاحبة لذلك . إذا يجب أن يكون هناك صيغة حوار بين الأفراد والشخصيات الإعلامية
 ويجب أن يقوم الإعلام أيضا بإبراز الحسن في المجتمع ونبذ العناصر السيئة ، وأن يعطى تصورا للمجتمع المثالي سواء كان هذا التصور خياليا أم واقعيا . وهناك أسباب كثيرة تؤكد على أن الإعلام يمارس دورا هاما في هذه التصورات وأهمها.
 يمارس الإعلام دورا هاما في تغيير المجتمع وخصوصا في المجتمعات المثقفة.
 يلعب الإعلام دورا كبيرا في عرض مشكلات الأفراد ومحاولة ايجاد حلول لها.
 وجود الثقة بين الفرد والإعلام ، لأن الفرد يؤمن بأن الإعلام هو القناة الشرعية بين الفرد والعالم الخارجي.
 وأخيرا يرى " جاربنر " Gerbner أن وسائل الإعلام تتمتع بتأثير متميز في قدرتها على زرع الأفكار والقيم الثقافية . ويختلف هذا التأثير من فرد إلى آخر حسب الوقت والمكانة الاجتماعية والسلم الوظيفي. وقد اهتم " ما رشال ماكلوهان " بهذه الأفكار ، وركز على أن العالم سوف يكون بمثابة قرية صغيرة نتيجة للتقدم الهائل الذي سوف يحدث في أجهزة الإعلام ، وخصوصا في التليفزيون .


إسهام نظريات علم الاجتماع المعاصرة

 إسهام نظريات علم الاجتماع المعاصرة
في دراسة الاتصال الجماهيري
"رؤية تحليلية نقدية"
 د.طه نجم
 مقدمة
 تعددت الاتجاهات النظرية في علم الاجتماع التي تهتم بدراسة الاتصال الإنساني بصفة عامة والاتصال الجماهيري خاصة. وقد ارتبط تفسير هذه الاتجاهات بالتوجهات الأيديولوجية السائدة. حيث يرى أصحاب النظرية البنائية الوظيفية أن الواقع الاجتماعي تحكمه القيم والأفكار والمعتقدات، بينما يرى أصحاب النظرية النقدية أن هذا الواقع تحكمه كيفية إنتاج أفراد المجتمع لمستلزمات معيشتهم وأسلوب توزيع عائد الإنتاج ونوعية العلاقات المترتبة على ذلك.
 ووفقا لهذه الاتجاهات تنظر البنائية الوظيفية إلى الإعلام باعتباره نسقا من الأجزاء المرتبطة. وتكمن الوظيفة الأساسية له في ربط أجزاء المجتمع وضمان وجود التكامل الداخلي بين أعضائه والقدرة على خلق استجابة لدى الأفراد، فضلا عن مسئوليته في عملية ضبط السلوك وتوجيه الآراء. أما النظرية النقدية فقد اكدت على مجموعة من القيم التي تسعى إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية. وتركز على دراسة الوحدات الكبرى، حيث تهتم بالنظام الاجتماعي ككل. وتولي أهمية لاستخدام الصفوة للإعلام وكشف أثر سيطرة الحكام على الثقافة وأجهزة الإعلام ومحاولة اقتفاء أثرهم.
 العوامل التي دفعت العلماء إلى البحث عن نظرية اجتماعية في الإعلام
 انتشار الحرية على نطاق واسع في وسائل الإعلام بالنسبة للقضايا التي تتناولها
 تعد عملية تغطية الأخبار بطريقة صحيحة وموضوعية هدفا أساسيا يسعى الإعلام إلى تحقيقه
 ربما يكون الموضوع القديم والجديد في الوقت نفسه هو علاقة الإعلام بأمن المجتمع ووحدته،
 توجد العديد من الحوارات والمناقشات في كثير من الدول حول الأخلاق والجنس والجريمة والعنف ودور الرقابة المباشرة في الالتزام بالمعايير الأخلاقية
 من الواضح أنه منذ قديم الأزل، يبرز دور الإعلام في المجال التربوي والثقافي وفي معظم الفنون.
 المبحث الأول : علاقة الاتصال الجماهيري بنظريات علم الاجتماع
 بداية يجب أن نذكر أن ميدان الاتصال الجماهيري يعتبر حديثا نسبيا بالمقارنة بالعلوم الاجتماعية الأخرى ، وقد ساهمت تخصصات عديدة في نهضته مثل علم الاجتماع وعلم النفس والإدارة والقانون والسياسة وغيرها من العلوم الاجتماعية بالإضافة إلى بعض العلوم الطبيعية . صحيح أن ميدان الاتصال الجماهيري شهد في ربع القرن الأخير تطورا كبيرا سواء أكان على مستوى النظرية أو المنهج أو مجالات تخصصاته كعلم يدرس في الجامعات . ولم تقتصر هذه النهضة على العالم الغربي ، بل امتدت لتشمل العالم العربي ، وأصبحت هناك كليات للإعلام وأقسام متخصصة تقوم على تدريسه ، وتعتني بإجراء البحوث ورصد الظواهر الإعلامية في المجتمع . وبالإضافة إلى ذلك برزت آراء تنادي بضرورة استقلال علم الاتصال عن العلوم الاجتماعية الأخرى
 وبينما دعت الآراء السابقة إلى ضرورة استقلال الاتصال الجماهيري عن العلوم الاجتماعية الأخرى ، وجدت آراء أخرى معارضة لهذه الفكرة . وتبنى إحداها " الفونس زيلبرمان A. Silberman وأودو ميكائيل كر وجر ‘.U M Kruger في كتابهما "سوسيولوجيا الاتصال" .حيث تناول الكتاب في أحد فصوله الموقف النظري لبحوث الاتصال الجماهيري، عبر فيه المؤلفان عن وجهة نظر تؤكد أن ميدان بحوث الاتصال لم يتطور بعد إلى الحد الذي يمكن أن يعد فيه ميدانا علميا مستقلا برأسه . فهو ما زال يمثل مبحثا علميا متميزا ، أو نقطة التقاء علمية تتقاطع عندها اهتمامات طائفة من العلوم الإنسانية والاجتماعية
 مظاهر العلاقة بين الاتصال الجماهيري وعلم الاجتماع
 يذهب الفريق الأول من الباحثين في دراستهم إلى أن إسهام النظرية البنائية الوظيفية من خلال الدراسات الأمريكية أمر لا يساوره الشك . ويرى أصحاب هذه التوجه أنه يرجع الفضل إلى رواد هذه النظرية في تطوير بحوث الإعلام ونظرياته . ومن أمثلة هذه الدراسات كتاب " ملفين ديفلير وساندرا بول روكيتش" المعنون "بنظريات وسائل الإعلام " ، إذ أشار الباحثان إلى أهمية نظرية المجتمع الجماهيري في الدراسات الإعلامية ، وتحدثا عن نظريات التأثير الاختياري ممثله في نظريات الفروق الفردية ونظرية العلاقات الاجتماعية
 وبينما اتجه الفريق الأول من الباحثين إلى التركيز على إسهام النظريات الوظيفية في دراسة الاتصال الجماهيري ، ذهب الفريق الآخر ليؤكد أهمية النظريات البنائية الوظيفية و النقدية معا ، وعلى سبيل المثال اهتم " دينيس ماكويل" في معظم كتاباته ومقالاته بالمنظور السوسيولوجي في دراسة الاتصال الجماهيري ، وهو صاحب الكتاب الهام "علم اجتماع الاتصال الجماهيري" Sociology of Mass Communication حيث أكد أهمية دراسة الاتصال الجماهيري, من خلال منظورات متعددة ، فقد تحدث عن نظرية المجتمع الجماهيري, والمنظور الماركسي والبنائية الوظيفية, والنظريات النقدية وغيرها من التوجهات النظرية المختلفة
 المبحث الثانى.إ سهام نظريات علم الاجتماع المعاصرة في دراسة الاتصال الجماهيرى
 بالرغم من تعدد تقسيمات نظريات علم الاجتماع وتنوعها ، نستطيع حصرها في اتجاهين رئيسيين هما : النظريات البنائية الوظيفية والنظريات النقدية . وقد اعتبرت الأولى الإعلام نسقا اجتماعياً تكمن وظيفته الأساسية في ربط أجزاء المجتمع وضمان استقراره ، بينما اهتمت النظريات النقدية بتحليل وظائف وسائل الإعلام ، وأثر سيطرة الصفوة عليها . وقد انبثقت عن هاتين النظريتين الكبيرتين اتجاهات نظرية فرعية :فانبثقت عن البنائية الوظيفية نظريات التفاعلية الرمزية والفينومينولوجيا وتحليل الثقافة . بينما تفرعت النظرية النقدية إلى ثلاث اتجاهات فكرية هي مدرسة فرانكفورت والماركسية المحدثة ونظريات إنييس وماكلوهان وسمايث النقدية
 اولا: النظريات البنائية الوظيفية ودراسة النسق الاتصالي:
 تهتم البنائية الوظيفية بدراسة الإعلام باعتباره إدارة ذاتية هامة، وتصحح نفسها في إطار سياسة معينة وقواعد مؤسساتية. وتظهر خصوصيتها في موضوعيتها وتطبيقاتها العامة. أما عن الجانب السياسي في صياغتها، فهو يناسب مفاهيم التعددية وحرية الاختيار، ويناسب أيضا الآليات الأساسية للحياة الاجتماعية في الاتجاه المحافظ. والإعلام من وجهة نظر البنائية الوظيفية يقصد به الحفاظ على القيم السائدة، فضلا عن استخدامه كمصدر للتغيير الاجتماعي. وتعد المؤسسة الإعلامية من وجهة نظر البنائية الوظيفية إحدى المؤسسات التي تهتم بتفسير الاتجاهات وأنشطة المؤسسات في ضوء حاجات المجتمع. ويفترض مسبقا أن »الحاجات« أساسا هي عملية مستمرة ومنظمة ومتكاملة وتتطلب دوافع وتوجيه وتكيف. وينظر إلى المجتمع باعتباره مجموعة من الأجزاء المرتبطة أو الأنساق الفرعية.
 ولقد بدأت إسهامات علماء الاجتماع الوظيفيين بمقالة عن " وسائل الإعلام وبناء المجتمع الأمريكي " وكتبت أساسا سنة 1960 ونشرت في كتاب "بارسونز" البناء السياسي والاجتماعي سنة 1969. وصنفت بعد ذلك ضمن تخصص علم اجتماع وسائل الإعلام Sociology of Mass Media ولاقت هذه المقالة اهتماما كبيراً عندما هاجم "سي. رايت ميلز C. wright Mills بارسونز في تحليلاته للإعلام والثقافة في كتابه "صفوة القوة" ، خاصة عندما قدم منظوراً مشابها سماه "المجتمع الجماهيري" Mass Society
 واستمر اهتمام أصحاب الاتجاه الوظيفي بالإعلام ووسائله ؛إذ قدم كل من "ديفلير" Defleur وبول روكيتش Bol Rokeach وبارسونز و "وايت" تحليلا لدور الإعلام في المجتمع الأمريكي . فهم يفترضون أن هذا المجتمع توجد به ثلاثة أنساق هي : الاقتصادي والسياسي والإعلامي . وهدفوا من تحليلاتهم إلى تفنيد فكرة ازدياد الانحلال الثقافي الذي تعاني منه الولايات المتحدة نتيجة سيطرة الشركات الكبرى العاملة في صناعة الإعلام على الرأي العام ومحاربتها الأفكار النقدية . وقد ركزت تحليلاتهم على مجموعة من الأفكار تدعم جميعها فكرة أساسية تتمثل في أن الحرية التي يتميز بها المجتمع الأمريكي أفضل من القمع المتزايد الذي يدعو إليه منظرو المجتمع الجماهيري
 ولقد واجهت البنائية الوظيفية بعض صعوبات تتمثل في أن هناك فرصة ضعيفة لإثبات التأثير الطويل المدى للوسيلة، وربما يكون تأثيرها مفيداً أو ضارا، ولا نستطيع إثبات ذلك بواسطة نتائج البحوث الإمبيريقية. ونظرا لهذه الصعوبات التي واجهت كلاسيكى الوظيفية في افتراضاتهم النظرية ، دعا مجموعة من علماء النفس الاجتماعي أمثال »هربرت بلومر« و»تشارلز كولى« وأصحاب الاتجاه الفينومينولوجي والاثنوميثودولوجي إلى ضرورة تكوين بناء فكري يستطيع استكمال مهمة الاتجاهات الكلاسيكية. وعرفت اتجاهاتهم بما يسمى بالبدائل النظرية التي اهتمت بنقد الاتجاه الكمي والإحصائي، واتجهت نحو دراسة الحياة اليومية وعلاقات التفاعل بين الأفراد،
 التفاعلية الرمزيةوالسلوك الاتصالى:
 تبرز أهمية التفاعلية الرمزية في دراسة الاتصال من خلال اهتمامها بفكرة تبادل التفاعل الاجتماعي، واستخدام المعاني المشتركة كأساس للتفسير الفردي للعالم الموضوعي. فقد اقتنع »تشارلز كولى« بأن الناس لا يستطيع مع بعضهم الانتساب إلى بعض على أساس صفاتهم الموضوعية كما هي موجودة في الواقع، بل من خلال »الانطباعات« التي يخلقها كل منهم لدى الآخرين من خلال عملية التفاعل فيما بينهم. ووصف »كولى« هذه »الانطباعات« بإسم »الأفكار الشخصية«؛ فنحن نكون »فكرة شخصية« عن كل شخص نعرفه. وبمعنى أشمل نكون »فكرة شخصية« أيضا عن الناس في قطاعات مختلفة إذا نظرنا إلى كل منها كجماعة
 الفروض الأساسية التي تنهض عليها ابحاث التفاعلية الرمزية والاتصال
 1- يعتمد فهم الناس للبيئة وإدراك ما يحتويها على الاتصال ، وبمعنى آخر :إن ما نعرفه عن عالمنا هو نتيجة لخبراتنا الاتصالية السابقة إلى حد كبير في هذا العالم.
 2- يقوم الاتصال بدور المرشد، ويأتي ذلك من خلال توجيه مفهومات الذات والدور والمواقف. وتعد هذه المفهومات نتاج خبراتنا في البيئة،

 ويستدل مما سبق أن نظرية التفاعلية الرمزية تركز محور اهتمامها حول نقطة أساسية تتمثل في أن الاتصال هو شرط أساسي لحدوث التفاعل الاجتماعي .فاتصال الفرد بالآخرين هو الذي يحدد طريقة تفاعله معهم وكذلك فإنه يحدث نتيجة هذا التفاعل . ويعتبر الاتصال هو المصدر الأول للخبرة غير المباشرة ، ويبرز دوره في توجيه الفرد وتعريفه بيئته ، وإدراك مجتمعه . وقد برزت أهمية نظرية التفاعلية الرمزية في الوقت الراهن للباحثين الإعلاميين ، خاصة بعد انتشار الوسائط المتعددة وتداخل وسائل الإعلام في تأدية وظائفها
 النظرية الفينومينولوجية وبناء المعاني:
 توجد علاقة وثيقة بين تركيب اللغة والطريقة التي يستخدم الناس بها هذه اللغة لإثارة المعاني في داخلهم. وبدأ في منتصف القرن التاسع عشر إجراء دراسة متخصصة لمختلف اللغات المستخدمة، حتى يمكن فهم المبادئ العامة لكيفية نقل المعاني عن طريق الأصوات والكلمات ونظائر المفردات. وقد أدى ذلك إلى محاولات لإعادة تركيب اللغات القديمة، حيث حول علماء اللغات أبحاثهم إلى الماضي البعيد،
 ويتألف علم اللغات أساسا من البحث المنظم لثلاث نواح للغة، مما يساعد على فهم كيفية استخدام الشعوب للاتصال ونقل المعاني. وأول ميادين البحث هو دراسة الأصوات Phonology وهي التي تستخدم لتركيب الكلمات، ويهتم الثاني بتركيب الجمل syntactics ، حيث يستخدمها الإنسان لنقل معان أكثر مما تحمله معاني كل كلمة وحدها، وأخيرا يوجد ميدان دراسة المعاني في اللغة وتطور الدلالات عبر التاريخ الذى يهتم ببحث الارتباط بين الكلمات أو الرموز الأخرى وما تشير إليه من معان، أي مختلف نواحي الواقع التي تحل محلها هذه الكلمات(
 ويرى المنظور السائد في الاتصال الجماهيري أن الوسيلة تعتبر المحور الرئيسي لتمثيل المعتقدات المشتركة، فضلا عن أنها مجرد عملية لنشر المعلومات، وهذا يناقض المنظور التحولي الذي يرى أن الوسيلة هي أداة لنقل المعلومات، وعادة ما يكون الغرض منها هو التحكم، بينما يوجد السخط على وسائل الإعلام، ويمثله نموذج التأثيرات المحددة الذي بدأ ينمو في السبعينيات والثمانينيات، ويتركز بوضوح في نظريات الاتصال. ومع التوجه الاجتماعي بدأ الاهتمام بهذا المنظور.
 ويفترض التركيب الاجتماعي للواقع أيضا أن الناس يستجيبون للمعاني عندما يستخدمون الرموز والاشارات، فهي التي تشكل المخزون الاجتماعي للمعرفة، وبواسطتها تحدث التفاعلات بين الناس وبيئاتهم. وقد شملت نظرية »جوفمان« Goffman إطارا لكل من أصحاب نظرية التفاعلية الرمزية ونظرية التركيب الاجتماعي للواقع، حيث أثبت أن قدرتنا على الاختيار المستمر للأشكال المناسبة لتوجيه إدراكنا، قد تجعلنا نشعر بما اكتسبناه من خبرات
 ويستدل مما سبق أن النظرية الفينومينولوجية قد حاولت استخدام وسائل الإعلام فى تفسير واقع الحياة اليومية ، حيث تهتم الفينومينولوجيا بدراسة المعاني والخبرات المشتركة بين الأفراد في المجتمعات بوصفها أساسا للحياة الاجتماعية, وتعتبر هذه النظرية هامة للباحثين الإعلاميين المعنيين بضرورة اندماج الرسالة الإعلامية في المجتمع, حيث تكمن الوظيفة الأساسية للإعلام في التعبير الموضوعي للواقع الاجتماعي ، وبحث احتياجات الناس والتعبير عن قضاياهم ومصالحهم . إذ يعتبر الإعلام جزءا من الواقع الاجتماعي ، لكن ما نلاحظه وجود انفصال بين ما يقدم في وسائل الإعلام وحياة المواطنين.
 نظرية تحليل الثقافة ونمط استخدام الوسيلة:
 نظرا لزيادة أهمية وسائل الاتصال الجماهيري في الوقت الراهن أصبحت عاملا أساسيا في تشكيل واقع الحياة اليومية التي يعيشها الناس . وقد بدأ الحديث عن استخدام وسائل الإعلام كنظم ثقافية منذ أن أشار " جمس كاري " (James Carey) 1975 عن أهمية نقل الثقافة في كتابة Geertz`s the Interpretation of cultures وقد أكد هذا الكتاب على تداخل العلوم الاجتماعية . وأصبح بعد ذلك مرجعا كلاسيكيا للباحثين في مجال الاتصال ، وكان بمثابة حجر زاوية ساهم في تحول بحوث الاتصال الى الجانب التفسيري .
 ولقد أصبحت وسائل الإعلام هي الأولى التي تمدنا بكثير من الخبرات أو نتعلم منها كثيرا من مظاهر الحياة من حولنا. ومع تقدم وسائل الإعلام، اختفت كثير من أشكال الثقافة الشعبية، حيث اختفت القصة المروية والموسيقى المؤداة باختفاء الأسر الممتدة، وحلت محلها الأسر النواة التي تتجمع أمام وسائل الإعلام المعاصرة. وترى نظرية المجتمع الجماهيري أن هذه التغيرات التي أحدثتها وسائل الإعلام في حياتنا سوف تنذر بالخطر، لأن ثقافة هذه الوسائل تفترض بأننا يجب أن نكون تابعين لثقافة الصفوة. وبينما تنتشر الثقافة الجماهيرية
 وإذا حاولنا نعرف وضع وسائل الإعلام العربية تجاه الثقافة نجد أن هناك تباينا في الآراء إذ ذهبت بعضها إلىتأكيد العامل الإيجابي الذي لعبته في نشر المعلومات وزيادة الاتصال والتواصل بين الشعوب والتصدي لعمليات الغزو الثقافي التي تمارسها الدول المعادية. أما الرأي الآخر فيذهب إلى القول بأن وسائل الإعلام ساعدت على نشر الثقافة المبتذلة، وتقدم مواد إعلامية تافهة وسطحية تعتمد على الإثارة والتشويق بدلاً من التعمق والتفكير؛كما ساعدت على نقل الثقافات الغربية المبتذلة التي تركز على الجنس والعنف
 وقد اهتمت دراسات الاعلام بتحليل أنماط الثقافات ؛ إذ قام كل من مولتوش Molotch وليستر Lesterبدراسة الأخبار باعتبارها سلوك مقصود . وأعد "تيشمان Tuchmanدراسة على المؤسسات الصحفية . وأجرى "لايول Lull دراسة عن الاستخدامات الاجتماعية للتلفزيون، وتساءل فيها عن دور الإعلام وخصوصا التلفزيون ، في حياة المجتمع ، حيث تستخدمه الأسر وتتفاعل معه بطريقة اعتيادية. وقد هدف "لايول " من دراسته التعرف على أنماط التفاعل والاتصال القائمة في حياة الإنسان الطبيعية بالمنزل(
 وتتجه نظرية تحليل الثقافة إلى دراسة الوحدات الصغرى Microscopic وتركز على نمط استخدام الناس للوسيلة، وجعلهم يحسون بأنفسهم والعالم من حولهم، والكشف عن النتائج المترتبة على استخدام وسائل الإعلام في حياتنا اليومية. وتتجاهل هذه النظريات تأثير السياسة الاجتماعية. وتتجه في دراستها نحو الاهتمام بالجوانب غير النقدية. وتعتبر نظرية تحليل الثقافة اقل اهتماما بنتائج تأثير المدى الطويل للإعلام، ولكنها أكثر اهتماما بالبحث عن تأثير الإعلام في حياة الفرد.
 وهكذا نجد أن نظرية تحليل الثقافة قد أكدت دور الإعلام في تشكيل الثقافة، وذلك بمالها من تأثير في تشكيل الواقع الاجتماعي وتغييره. وقد اشتركت المنظورات التحليلية للثقافة و المنظورات النقدية في تطوير أساليب جديدة لكشف تأثير الإعلام في الثقافة وتنمية هذه الأساليب، وعملا على تطوير بناء نظري متكامل، وأكدا أهمية الإعلام في تشكيل وجهات نظر الناس عن أنفسهم وبيئاتهم الاجتماعية. وكلاهما يفترض أن الإعلام أصبح الوسيلة الأساسية التي تعلم الناس وتجعلهم يشتركون في ثقافة عريضة. وأثبتا أن الإعلام يمارس تأثيرا فعالا في النظم الاجتماعية المعاصرة.
 ثانيا: النظريات النقدية ودراسة الاتصال الجماهيري:
 تفترض النظريات النقدية أن البحوث الاجتماعية ينبغي أن تركز على مجموعة من القيم مثل الأهداف المثالية،ويكون هدفها ارشاديا وتسعى إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية، وغالبا ما تهتم النظريات النقدية بفحص مشكلات اجتماعية محددة، مع تحديد مصادرها، ثم التوصية بحلولها. وينتمي معظم أصحاب هذه النظرية إلى حركات اجتماعية يكمن هدفها الأساسي في محاولة إخراج الافتراضات النظرية إلى حيز التنفيذ

 اهتمت النظرية النقدية بعلاقة الإنتاج الإعلامي بالمشكلات الاجتماعية. وقد تبنت دراسات الثقافة النقدية منظورا شاملا في دراسة الوحدات الكبرى، حيث تهتم بالنظام الاجتماعي ككل. وتركز على استخدام الصفوة للإعلام، وكشف نتائج استخدامهم له، وتأثير ذلك في المحافظة على قوتهم. ويتميز الباحثون الذين ينتمون إلى دراسات الثقافة النقدية بأن لهم نشاطا سياسيا، ويبذلون جهدا في تشكيل السياسة الاجتماعية. ويرجع ذلك إلى انتمائهم إلى بيئاتهم الاجتماعية، باعتبارهم قادة وينتمون إلى حركات اجتماعية قائمة. وعلاوة على ذلك يفسرون القيم المستخدمة في تقييم الوضع الراهن
 وقد ركزت النظرية النقدية الإعلامية والنظرية النقدية الثقافية على قضايا القوة والصراع والتغيير . وتبدو هذه المنظورات عند كل من " جرامشي " و " التوسير" و " وبولنتزاس Poulantzas وأدورنو وهوركهايمر ومنظورات الدراسات الثقافية ممثلة في فكر كل من " ريموند ويليامز Raymand willams وهيرمان Herman وتشومسكي Chomsky ، حيث اهتموا جميعا بمفاهيم الثقافة وأمبريالية الإعلام والعولمة. ويعتبرون الإعلام قوة موجهة ، ويهدف في النهاية إلى فهم الواقع الاجتماعي
 وترجع الأصول الفلسفية للنظرية النقدية إلى الماركسية الكلاسيكية. فبالرغم من أن ماركس نفسه لم يعرف الإعلام قبل أن يبرز التأثير المعاصر لوسائل الإعلام، من الممكن أن نحلل الوسائل المعاصرة طبقا لأفكاره.إن الإعلام يعني وسائل إنتاج والتكيف مع نمط عام لشكل الصناعة الرأسمالية وظروف الإنتاج وعلاقاته. ومن المرجح أن يشكل احتكار الطبقة الرأسمالية لوسائل الإنتاج عاملا أساسيا في الترويج لأفكارها والتعبير عن مصالحها. ويحاولون ايديولوجيا نشر أفكارهم والتقليل من شأن الأفكار التي تدعو إلى التغيير أو تنمية وعي الطبقة العاملة، ومنع عمليات تعبئة مثل هذا الوعي في إطار أحزاب أو أنشطة سياسية معارضة
 وعلى الرغم من أن أصحاب النظريات الإعلامية المعاصرة طالبوا بإصلاح النظام الاجتماعي، يرجع الفضل إلى ماركس، حيث كان المحرك الأول الذي نادى بخلق مجتمع جديد، مجتمع تلغى فيه الطبقات، وينهض فيه العمال ضد أصحاب رؤوس الاموال، ويطالبون بوضع نهاية للسخرة، ويتحدون معا لخلق مجتمع ديمقراطي عادل. وقد اعتقد ماركس أن الحكام سيطروا على المجتمع من خلال هيمنتهم على وسائل الإنتاج. وظل الحكام في موقع القوة من خلال سيطرتهم على »الثقافة« أو »التركيبة الاجتماعية«. ونظر إلى الثقافة باعتبارها شيء يمارسه الحكام ليضللوا الطبقات العاملة حتى يعملوا ضد مصالحهم أنفسهم
 وللنظريات النقدية مصدر مختلف آخر، وهو النقد الإنساني للنصوص الأدبية والدينية. وقد تخصص الإنسانيون في تحليل النصوص المكتوبة منذ عصر النهضة.وكان هناك هدف موضوعي وراء ذلك هو تحقيق هذه النصوص ذات القيمة الثقافية العظيمة وترجمتها حتى يتسنى للآخرين فهمها وتقييمها. وكانت هذه النصوص بمثابة قوة حضارية في المجتمع. واستخدم النقد لتدعيم هذه القوة. وقد حاول أصحاب »الحركة الإنسانية« العمل على تحقيق مبادئ النظرية اللاهوتية وحفظها، وركزوا على التوراة وكتابات علماء اللاهوت
 ويتضح من عرض الأسس النظرية التي انطلقت منها النظرية النقدية أن الماركسية الكلاسيكية وأصحاب الاتجاه الإنساني في دراسة الأدب قد أسهما بطريقة فعالة في تأسيس هذه النظرية، حيث تفرعت منها مدارس نقدية عديدة، نحاول إلقاء الضوء على مدرسة فرانكفورت ونظرية الاقتصاد السياسي في الإعلام وأخيرا نظريات "انييس" و"مارشال ماكلوهان" و "سمايث.
 مدرسة فرانكفورت والدراسات الثقافية النقدية.
 ينتمي عمل مدرسة فرانكفورت إلى الاتجاهات الماركسية، لأنها تهتم إلى حد كبير بالتاريخ، لكنها تركت ميراثا ثقافيا هاما لا يمكن تجاهله. ويمكن أن نطلق على هؤلاء المنظرين النقديين ، أصحاب المنظور الثقافي ؛إذ بدأوا أعمالهم في ألمانيا الغربية، ثم تشتتوا مع قدوم النازية، وذهبوا بصفة رئيسية إلى الولايات المتحدة. وركزوا اهتمامهم على الفشل الواضح لثورة التغيير الاجتماعي التي تنبأ بها ماركس، وأرجعوا هذا الفشل إلى البنية الفوقية – وخصوصا وسائل الإعلام- وتجاهل العمليات التاريخية للتغيير الاقتصادي.
 وتؤكد هذه النظرية أن السيطرة الاقتصادية الأيديولوجية الطبقية تأتي مشروطة بالأساس الاقتصادي من خلال عمليات استمالة الطبقة العاملة وتدميرها. وتؤكد النظرية النقدية أيضا اعتماد الشخص والطبقة على التصورات التي تطبعها وسائل الإعلام في أذهانهم. وقد أعطى »ماركيوز« مسمى »البعد الواحد« one dimentional للمجتمع الذي توجد فيه ثقافة من صنع محترفي السياسة والرأي العام
 وقد رأى "ماركيوز" المجتمع الصناعي عالما تسوده الكلية الاستبدادية لأن لديه القدرة على القضاء على أي محاولة لمعارضته ونفيه ، وتجميع القوى الاجتماعية التي يمكن أن تعارضه وتذويبها ، فضلا عن القضاء على استثمار جميع طاقات الإنسان الجسدية والروحية وجميع القوى الاجتماعية للذود عنه وحمايته. ويرى " ماركيوز" أن وسائل تزييف الوعي في المجتمعات الصناعية المتقدمة قد تعاظم خطرها في الآونة الأخيرة ، وذلك بفعل التكنولوجيا
 ويبدو أن تزييف الوعي الذي تمارسه وسائل الإعلام لا يقتصر على المجتمعات الرأسمالية التي تحدث عنها "ماركيوز" .فإذا نظرنا إلى واقع مجتمعاتنا العربية ،نجد أساليب متعددة ومتنوعة لعمليات التزييف تمارسها الحكومات من خلال تبعية الأجهزة الإعلامية لسلطتها، وتمارسها الشركات المتعددة الجنسيات من خلال فرض نمط إعلامي معين . وتبرز عمليات التزييف في التضليل الإعلامي الذي أصبح سمة أساسية في إعلامنا العربي . ولا يقتصر التضليل على قلب الحقائق أو إخضاعها ، ولكن بتقديم الحقيقة مبتورة أو مشوهة . وتتعدد أشكال عمليات التضليل التي تمارسها وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت صحافة أو إذاعة أو تليفزيون
 ويبدو إسهام أعضاء مدرسة فرانكفورت في دراسة الاتصال الجماهيري من خلال اهتمامهم بنقد وسائل الإعلام التي تحاول إعادة إنتاج الفن العظيم القديم مثل طبع الروايات العظيمة في أشكال ملخصة أو مسلسلة. ويرون أن مثل هذه العمليات صرفت الناس عن البحث وشراء المصادر الحقيقية للثقافة العالمية، وعندما أجبر أعضاء هذه المدرسة على الخروج من ألمانيا خلال الحرب النازية، توجهوا إلى الولايات المتحدة وكرسوا جهدهم للتحليل النقدي للثقافة النازية، والطريقة التي قوضت الثقافة العالمية وأضلتها
 . ومن وجهة نظرهم أن الثقافة النازية قد اختلطت وطحنت بثقافة مصطنعة مزيفة، قام بخلقها وممارستها هتلر وإعلاميوه. وكان »ادورنو« واحدا من الأعضاء القلائل لمدرسة فرانكفورت الذين شاركوا الباحثين الأمريكيين. وشملت اتصالاته الأمريكية المبكرة »بول لازارسفيلد« الذي اقنع مؤسسة الإعلام في كولومبيا بتمويل بعض أبحاث »ادورنو«. وتميز عمله بالأسلوب الجدلي، فكتب نقدا لاذعا لبرامج الراديو الأمريكي. وقام بقيادة فريق بحث لدراسة اتجاهات المواطنين نحو النظام الحاكم ومدى احتمال انتشار النازية. وبالرغم من أن هذا البحث كان مبدعا وطموحا، واجه كثيرا من المشكلات النظرية والمنهجية خاصة في تطوير المصطلحات لقياس الاتجاهات
 وفي نقده للنظام الرأسمالي يرى " أدورنو" أن هذا النظام مازال يولد شعوراً بعدم الأمان الاقتصادي . وأي نسق اجتماعي يستبعد القدرات الإنسانية الأساسية يخلق شعوراً بعدم الأمان . والشعور بأننا نملك قوة لا يمكننا استخدامها هو شعور مدمر . لذا فقد هيئت الثقافة العامة لإنتاج شعور بديل هو في حقيقته شعور زائف بالأمان والاستقرار . وهو شعور فعال رغم زيفه ، ويتم خلق ذلك الشعور الزائف بتوحيد المواصفات القياسية لمنتجات الثقافة، حيث تحاول وسائل الثقافة الشعبية – من التمثيليات التليفزيونية العاطفية إلى أغاني الشباب المتداولة إلى النشاطات الرياضية – كل بطريقتها التركيز على بث الاطمئنان
 وقد اشتركا "أدورنو" و "هوركهايمر "في أحد الأعمال التي تعتبر إسهاماً عظيما في مجال الإعلام عنوانه" الاتصال والثقافة والسيطرة " حيث ركزا على عقد مقارنة بين الثقافة والدولة النازية في الأربعينات والثقافة، والاقتصاد الضخم في الولايات المتحدة الأمريكية فى العصر الراهن . وقد أدركا أن هناك تشابها ملحوظا بين النظامين .وبرز هذا التشابه ليس على مستوى التسلط العسكري فقط، بل برز أيضا موقفهما من أي تفكير مستقل ومقاومتهما له من خلال الإعلان والثقافة الجماهيرية . وذكرا في تحليلهما أن هذا التوجه يقضي على أي تفكير نقــدي
 وبالإضافة إلى اهتمام "هابيرماس" بالفعل الاتصالي ، فقد أشار إلى مفهوم المجال العام Public sphere الذي يهتم بتقييم الشؤون المعاصرة والسياسة العامة . وقد ركز هابيرماس في تحليلاته على قوة تأثير وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام ؛ إذ يعد الرأي العام من أكثر القضايا التي تشغل الحكومات . وأشار أيضا إلى أن الدعاية والإعلان أصبحت سلعاً تستغلها الحكومات والشركات في حماية مصالحها وتحسين صورتها
 ويستدل من تحليل أعضاء مدرسة فرانكفورت في الإعلام أنهم نظروا إليه من منظور أيديولوجي ، حيث تأثروا بالماركسية في تحليلاتهم . وقد برز التباين الأيديولوجى بين نظريتي تحليل الثقافة والدراسات الثقافية النقدية واضحاً؛ فقد اتجهت الأولى إلى دراسة الوحدات الصغرى Macro بينما اهتمت الثانية بدراسة الوحدات الكبرى Macro ، وتركز نظرية تحليل الثقافة على نمط استخدام الناس للوسيلة وجعلهم يحسون بأنفسهم والعالم من حولهم ، والكشف عن النتائج المترتبة على استخدام وسائل الإعلام في كل حياتنا اليومية
 -الماركسية المحدثة ونظرية الاقتصاد السياسى فى الاعلام.
 تنطلق الماركسية المحدثة من الإطار التصورى والمنهجي للماركسية الكلاسيكية. وتأتي حداثتها من أنها تعيد قراءة الماركسية، فتحاول إظهار مسار عمل القوانين النوعية للتطور الاجتماعي، ومن خلال المعطيات التي يفرزها الواقع الاجتماعي المتغير. ويتميز موقفها بالأسلوب النقدي والراديكالي. وقدم مؤسسوها»جرامشي« و»لوسيان جولدمـان« و»فرانز فانون«- معطيات وحقائق، لكنها لم تخرج عن الإطار المعرفي والايديولوجي للنظرية الماركسية الكلاسيكية
 وقد قسمت الماركسية المحدثة إلى مدارس هامة ومتعددة وتعد الدراسات الثقافية البريطانية ونظرية الاقتصاد السياسي أهم هذه المدارس . إذ حاولت الأولى- الدراسات الثقافية البريطانية- ربط النظرية الماركسية بأفكار ومناهج بحث ناتجة عن مصادر متنوعة تضم النقد الادبي واللغويات والأنثروبولوجيا والتاريخ. وحاولت هذه النظرية أن تتبع اثر سيطرة الحكام التاريخية على الثقافة ومحاولة اقتفاء اثرهم، ونقد الآثار الاجتماعية لهذه السيطرة. وركزت أيضا على دراسة ثقافة جماعات الأقلية
 لقد بدأت إسهامات "جرامشى" فى الدراسات الإعلامية عندما رفض مفهوم المادية الاقتصادية للماركسية، وتقديمه منظورا إنسانيا لها يركز على ذاتية الإنسان .وقد ارتبط إسهامه أساسا بتطويره لمفهوم السيطرة، حيث كان يسعى إلى إعادة تحديد طبيعة القوة في المجتمعات الصناعية، والتوصل إلى معرفة المستويات المختلفة للوعي السياسي والثقافي. ويرى »جرامشي« أن مصادر القوة في المجتمع تتركز في يد عملاء الصحف والرأي العام.
 ونستطيع أن نتعرف مظاهر السيطرة التي أشار إليها جرامشي في عالمنا العربي بأكثر من طريقة . فقد نجحت وسائل الإعلام على سبيل المثال في الترويج للأفكار والقيم الغربية وإقناع الجماهير بها من خلال المسلسلات والأفلام والأغاني ، في مقابل التجاهل المتعمد وتسطيح الثقافة العربية الإسلامية . والمدهش في هذا الأمر هو تبني قاعدة كبيرة من هذه الجماهير لهذه القيم باعتبارها نمطا في سلوك حياتهم اليومية . وأصبحت هي النموذج الذي يتبع
 وتعتقد "رينا مستري Reena Mistry أن نظرية " جرا مشى " تعد نقطة هامة في كشف التمثيلات العرقية في مجال الإعلام؛ لأنها تركز على الثقافة والأيديولوجية ، وعلى خلاف النظريات الماركسية في السيطرة . إذ يتجاهل جرامشى العوامل الاقتصادية ، ويركز على دور المثقفين في هذه العملية . وفي الواقع يشكل التلفزيون والسينما مركزا أساسيا للثقافة الشعبية ، حيث ركزت مقولات جرا مشى على واقع الحياة اليومية وقيم الشعور العام في محاولة لتحديد آليات الهيمنة
 وامتدادا لهذا الفكر تتبع »جرهام ميردوك« Graham Murdock نهضة الثقافة البريطانية أثناء عقدي الستينات والسبعينات، حيث رأى أن معظم وأهم أصحاب هذه المدرسة- الدراسات الثقافية البريطانية- كانوا ينتمون إلى الطبقات الدنيا. وانتقدوا الأيديولوجية القائمة ورفضوها صراحة نظرا لهيمنة ثقافات الطبقة العليا على مجموعات الأقليات. وكان »ريموند ويليامز« Raymond Williams أحد رواد المدرسة البارزين،
 وقد أنتجت الدراسات الثقافية البريطانية أبحاثا متنوعة عن محتوى الإعلام الشعبي، بل أثرت على الأبحاث الأمريكية، وخاصة النسائية منها وكذلك على دارسي الثقافة الشعبية. ويعد البحث الذي قدمته »جانيس رادوي« Janice Radway سنة 1984 أحد افضل النماذج للتعبير عن أفكار الدراسات الثقافية. وأوضحت »رادوي« في تحليلها للمحتوى الشعبي للقصص الرومانسية أن شخصياتها وحبكاتها ناتجة عن الأساطير التي يفترض فيها أن سيطرة الرجال في الترتيب الاجتماعي طبيعية وعادلة. فالرجال يقدمون بصفة روتينية على أنهم أقوياء ومعتدون، بينما النساء ضعيفات وسلبيات، وليس لديهن الاستقلالية. ويجب على المرأة أن تنال هويتها من خلال مشاركتها مع الرجل.
 نظرية الاقتصاد السياسي في الإعلام:
 تعد نظرية الاقتصاد السياسي في الإعلام من المسميات القديمة التي ظلت باقية كي تثبت منظورا يركز على البناء الاقتصادي، فضلا عن المضمون الأيديولوجى للإعلام. وتؤكد هذه النظرية تبعية الأيديولوجية للأساس الاقتصادي. ويتجه اهتمام بحثها إلى التحليلات الامبيريقية لبناء الملكية وأسلوب قوى السوق الإعلامي. ومن خلال هذه النقطة تعتبر المؤسسة الإعلامية جزءا من النسق الاقتصادي مع ضرورة الارتباط بالنسق السياسي
 وتكمن القوة الأساسية لهذه النظرية في قدرتها على إجراء افتراضات أمبيريقية قابلة للاختبار عن محددات السوق. وبالرغم من توافر هذا الإجراء لم يكن تحديده أمبيريقيا بالأمر السهل. وبينما تركز هذه النظرية اهتمامها على الوسيلة- باعتبارها تقود العمليات الاقتصادية إلى السلعة، يوجد اهتمام بمنظور الاقتصاد السياسي الذي يفترض أن الإعلام منتج جماهيري حقيقي. وفي هذا المعنى يوجهون انتباه الجمهور إلى الإعلانات التي تشكل سلوك الجماهيري بطريقة معينة متميزة
 ويهتم أصحاب نظرية الاقتصاد السياسي بسيطرة الحكام على المؤسسات الاقتصادية كالبنوك والأسواق وتحكمهم فيها. ويحاول هؤلاء الباحثون توضيح تأثير هذه السيطرة على مؤسسات اجتماعية أخرى منها وسائل الإعلام. ويهتم الاقتصاديون السياسيون أيضاً بدراسة دور الاقتصاد في تشكيل الثقافة التي تنتجها وسائل الإعلام؛ فهم لا يهتمون كثيرا بالبحث عن كيفية تأثير الثقافة في مجموعات محددة أو شرائح مختلفة، ولكنهم يهتمون بشكل اكبر بفهم أسلوب السيطرة على عملية الإنتاج، ويبحثون عن أسباب سيطرة بعض الأشكال الثقافية على أوقات التليفزيون دون غيرها
 وربما كانت المحطات الفضائية العربية خير نموذج يبرز فيه تأثير الاقتصاد في الإنتاج الثقافي والإعلامي. فعندما خرجت بعض المحطات بعيدا عن عباءة بعض الحكومات ، وتخلصت من سيطرتها . فقد وجهت بسيطرة المال وأصحاب شركات الدعاية والإعلان ، حيث أصبحت هناك برامج عديدة تبث مواد إعلامية منافية للأخلاق والقيم والتعاليم الدينية برعاية الشركات المعلنة
 -نظرية إنيس وماكلوهان وسمايث.

 يعتبر كل من " هارولد إنييس Harold Innis ومارشال مكلوهان Marchall Mcluhan ودلاس سمايث Dallas Smyth من الباحثين الأوائل الذين اهتموا بتكنولوجيا الاتصال في المجتمع . ويرجع تصنيفهم ضمن النظريات النقدية إلى ارتباطهم معا وتحليلاتهم الأدبية . وإذ يرجع الفضل إلى ماكلوهان في انتقال النظرية الثقافية النقدية إلى الولايات المتحدة خلال الستينات . أما إنييس فكان ينتمي إلى الماركسية المحدثة ، وتوازنت أفكاره وأفكار سمايث بشأن وسائل الإعلام
 ولقد نشأت أعمال إنييس بعيدا عن دراسته للتاريخ السياسي والاقتصادي لكندا ، حيث كان متأثرا بالعلاقات الإتصالية ( النقل والتجارة ) بين كندا وأوروبا من جانب وكندا والولايات المتحدة من جانب آخر ، بل بين الكنديين أنفسهم . وقد طبق منظوره التحليلي على دراسة تطور المجتمعات في العصور القديمة و الوسطى ليوضح تغيير عملية نظم الاتصال وتغيير بناء المؤسسات في المجتمع ، وكذلك أشكال القوى السياسية والاجتماعية وتغيير الأولويات وقيم المعرفة . وقد نظر " إنييس " إلى المعرفة بأنها ليست ببساطة عمليات مجردة من التراكمات ، ولكنها أكثر من مشهد متغير . ويتغير أساساً وفقا للترتيبات التكنولوجية والمؤسساتية
 أما مارشال ماكلوهان فكان دارسا للأدب ومفتونا بالإعلام ، واهتم بالتاريخ وتأثر كثيراً بالدور التاريخي للإعلام . وركز جل اهتمامه على تكنولوجيا الإعلام؛ إذ يرى أنه لا يمكن النظر إلى مضمون وسائل الإعلام مستقلا عن تكنولوجيا الوسائل ذاتها. فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية القضايا، والجمهور الذي توجه له رسالتها يؤثران بالطبع فيما تقوله تلك الوسائل. ولكن طبيعة وسائل الإعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات اكثر مما يشكلها مضمون الاتصال. وقد اخذ »ماكلوهان« من التاريخ ما نستطيع أن نسميه »بالحتمية التكنولوجية« Technological Determinsm
 وقد ركز "ماكلوهان" على التفاعل الحادث بصفة خاصة بين الفرد وتكنولوجيا الاتصال . فقد رأي التليفزيون وسيلة حسية جذابة لا تتيح للإنسان التخيل مقارنة بالإعلام المطبوع . فالطباعة من وجهة نظره وسيلة ساخنة بينما يعتبر التليفزيون وسيلة باردة . فالأدوات الميكانيكية ساخنة والبرامج والأدوات المصنعة يدويا باردة . فالوسيلة الساخنة تشجع على الاستهلاك السلبي ، والإعلام البارد يشجع على المشاركة الفعالة
 ويبدو من تحليل أفكار إنييس وماكلوهان أن هناك أوجه اتفاق واختلاف بين أعمالهما . فقد كان كل منهما لديه المقدرة على تطبيق التحليلات المقارنة بطريقة مباشرة في مجال القضايا المتشابهة. فبينما كانت المجتمعات والحضارات هي وحدة التحليل عند إنييس ، كان الفرد وحده التحليل عند ماكلوهان . وعندما تحدثا عن تكنولوجيا الإعلام رأى ماكلوهان تكنولوجيا الاتصال الجديدة امتدادا للإنسان وأداة للتغلب على كل أنواع المشاكل
 أما أعمال "سمايث" عن وسائل الإعلام ، فقد ركزت على قوة وسائل الإعلام في تقييد التفكير المستقل وقنوات الرأي العام, ولها تأثيراتها على اختيار المستهلك والديموقراطية وحقوق الإنسان . وقد استخلص من دراساته أن الإعلام يمكن أن يكون داعما لإبداع الإنسان وليس السيطرة عليه بشرط وجود مشاركة مناسبة من قبل الجماهير في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية
 وبالرغم من أهمية أفكار »ماكلوهان« وخاصة في حديثه عن الوسائل الساخنة والباردة، لكن يعتبر بعض الباحثين أن موقفه العلمي مبهم وغيبي لأنه يقدم وسائل تخضع لتفسيرات مختلفة، ولكنها تنشط التفكير فعلا. فبينما يعتبر تأكيد »ماكلوهان« على تأثير الوسيلة نفسها نافعا ومفيدا، تبدو تأثيرات الرسالة نفسها متنوعة أكثر من الوسيلة نفسها. فالرسالة هي الرسالة والوسيلة هي الوسيلة. وكل واحدة تؤثر في الأخرى بحيث لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى. فالأخبار في رأي بعض الناس هي الأخبار بصرف النظر عن الوسيلة التي تنقل بها إلى الناس
 ويستدل من تحليل أفكار إنييس وسمايث وماكلوهان أن هناك سمة أساسية تجمع أعمالهم تتمثل في الاهتمام بتكنولوجيا الاتصال في المجتمع وتأثيراتها المتباينة . فقد ربط إنييس بين تطور المجتمعات وتطور نظم الاتصال ، وأوضح أن هذه النظم تساهم في تغيير بناء المؤسسات في المجتمع ، وكذلك تغيير أشكال القوى السياسية والاجتماعية . أما ماكلوهان فقد صك مصطلح " الحتمية التكنولوجية " مؤكدا أهميتها في فهم التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تطرأ على المجتمعات.
 الخلاصة
 وبعد عرض موقف النظريات النقدية من دراسة الاتصال الجماهيري نستطيع القول أن هذه النظريات حاولت تحليل وظائف وسائل الإعلام في المجتمع بطريقة واقعية . وقد برز ذلك في الهدف الذي سعت إلى تحقيقه ، حيث تهتم بالتركيز على مجموعة من القيم التي تسعى إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية ، وتولى أهمية لاستخدام الصفوة للإعلام ، وكشف أثر سيطرتهم على الثقافة وأجهزة الإعلام . وبالإضافة إلى ذلك اهتمت بدراسة علاقة الإنتاج الإعلامي بالمشكلات الاجتماعية
 ويبدو من تحليل رواد المدارس الفكرية التي انبثقت عن النظريات النقدية إنها تشترك جميعاً في نقد وسائل الإعلام . فقد حاول أعضاء مدرسة فرانكفورت تسليط الضوء على الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في تزييف وعي الجماهير كما ذهب "ماركيوز" ، وإبراز دور وسائل الثقافة الشخصية في خلق مسحة فردية ونمطية زائفة على المنتجات الثقافية كما ذهب "أدورنو" ، وأخيراً التأكيد على أهمية الإعلام في تشكيل الاتجاهات وتحويل المجتمعات من النظم الاستبدادية إلى النظم الديمقراطية الحرة كما ذهب "هابرماس "
 أما أعضاء الماركسية المحدثة ، فقد انقسموا إلى مدرستين هما الدراسات الثقافية البريطانية ونظرية الاقتصاد السياسي في الإعلام ، حيث ارتنبطت الأولى بأفكار ومناهج بحث ناتجة عن مصادر متنوعة تضم النقد الأدبي واللغويات والانثرويولوجيا والتاريخ، وحاولت هذه النظرية تتبع أثر سيطرة الحكام على الثقافة ومحاولة افتقاء أثرهم . وقد ساهم "جرامشى" في هذه المدرسة بتطويره لمفهوم "السيطرة"؛ إذ يرى أنها لا تعنى ببساطة فرض شيء معين فقط ، ولكن تظهر في نجاح طبقة معينة في إقناع الطبقات الهامشية بقبول الثقافة المسيطرة ، وفي الوقت نفسه تتشربها و تتبناها . وأهتم "اسيتورت هول" بتحليل وظائف وسائل الإعلام
 وأخيراً بالنسبة لنظريات إنييس وماكلومان وسمايث ، فقد اهتموا جميعاً بتأثير تكنولوجيا الاتصال في المجتمع . فقد ربط إنييس بين تطور المجتمعات وتطور نظم الاتصال . وركز ماكلومان على أننا لايمكن النظر إلى مضمون وسائل الإعلام بمعزل عن تكنولوجيا الوسائل ذاتها . أما أعمال سمايث فقد ركزت على قوة وسائل الإعلام في تقييد التفكير المستقل ، وكذلك على اختيار المستهلك والديمقراطية .